محمد الوعيل

لم يكن قرار قادة مجموعة العشرين الاقتصادية في ختام أعمالهم بمدينة هامبورج الألمانية، بإسناد استضافة المملكة للقمّة المقبلة عام 2020، إلا اعترافاً وإقراراً دولياً بمكانة المملكة وريادتها العالمية وثقلها المحوري على جميع الصُّعد.

فمجموعة العشرين، تضم أقوى الاقتصاديات العالمية، وشرف استضافتها التي تشبه كأس العالم الاقتصادية، فخرٌ لنا كسعوديين، يجذِّرُ الثقة الدولية في المملكة وتتويجاً لمحصلة جهود كثيرة ومتعددة في دعم الاقتصاد الدولي، وبناء محاور تنموية هائلة استطاعت أن تشد الأنظار عبر عقود عديدة خلت، متزامنة مع رؤية استراتيجية شاملة تنقل الاقتصاد الوطني لمرحلة أخرى جديدة ومتكاملة.

وباحتضان المملكة لاجتماعات أهم مجموعة اقتصادية في العالم للعام 2020، فهي تتسلم رئاسة أقوى عشرين اقتصاداً عالمياً ومعها استضافة جميع اجتماعات محافظي البنوك ووزراء المالية بالإضافة إلى قمة رؤساء هذه الدول في الرياض.. نكون أمام حدث بارز في تاريخنا السعودي وتاريخ الشرق الأوسط والعالم العربي أيضاً، باعتبار أن المملكة أول دولة عربية تنال تنظيم مثل هذا الشرف الكبير، انطلاقاً من المكانة والقدرة والكفاءة، وعبر سياسات جديرة بالتقدير من قبل العالم كله، بعيداً عن دهاليز أخرى سلكتها بعض العواصم لتنظيم أحداث عالمية، اعتماداً على الشبهة والرشوة السياسية، وربما كانت الاتهامات الموجهة لقطر مثلاً حول كأس العالم أبسط مثال صارخ على هذه الشبهات التي لن تمر مرور الكرام، ولن تنجو من التحقيقات والإدانة. وهذا هو الفارق بين دولة لها اعتباراتها الجيوسياسية والاقتصادية، وبين أخرى تسلك دروباً مشبوهة بحثاً عن التطاول وإرضاء تضخم الذات.!

وربما يكون من اللافت أن تكون كلمة المملكة، التي ألقاها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، معالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء د. إبراهيم العساف، جددت التأكيد على موقف المملكة الثابت والمبدئي من ظاهرة الإرهاب، باعتباره جريمة كبرى تستهدف العالم ولا تفرّق بين الأديان أو الأعراق، وأن هذا الإرهاب ـ ومعه مموِّلوه وداعموه ومحتضنو رموزه ـ هو الأخطر على السلم والأمن العالميين، وأن السماح بانفلاته وتغلغله هو العائق الكبير أمام تحقيق أي تنمية اقتصادية أو تقدم اجتماعي، كما أنه سبب في تأجيج الصراعات الدينية والمذهبية والسياسية.

الأهم بالنسبة إلينا كسعوديين، أن نتأكد من أن مكانتنا الدولية التي تتعزَّزُ يوماً بعد يوم لم تأت من فراغ، ولكنها حصيلة ميراث طويل من العمل الحثيث لاستقرار الاقتصاد العالمي، والمساهمة الفعالة في جميع الجهود لحل القضايا المرتبطة بالتنمية في العالم، وتتحمل عبئاً كبيراً لضمان كل ذلك وتحمل مسؤوليته بكل شجاعة واقتدار، ولهذا جاء التقدير الدولي في أن تكون المملكة حاضنة لقمة قادة مجموعة العشرين، تتويجاً لهذا الدور وتثميناً لمكانة مستحقة ومتجذرة، لا كفقاعات صابون الآخرين.