شملان يوسف العيسى 

 نشرت جريدة «الشاهد» الكويتية في صفحتها الأولى يوم الخميس 13 يوليو الجاري خبر إعلان سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عن استعداد الكويت لاستضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار المناطق المحررة في العراق قبل نهاية عام 2017. هذه الخطوة الإنسانية الكبيرة من سمو أمير الكويت، تأتي لتؤكد وقوف بلده مع الشعب العراقي المنكوب الذي داهمته الحروب الأهلية والإرهاب مما ألحق به دماراً وخراباً واسعين.

وهناك عدة تساؤلات علينا طرحها قبل بدء مؤتمر المبادرة الكريمة، وأول هذه التساؤلات: هل سيعقد المؤتمر بعد أن يسود الاستقرار ربوعَ العراق ككل، أم بعد تحرير الموصل فقط؟

ما نتمناه ونطالب به اليوم، بعد مرور أكثر من 14 عاماً على تحرير العراق من نظام الطاغية عام 2003 من قبل القوات الأميركية، هو تنفيذ ما طالبت به دول مجلس التعاون الخليجي، أي الدعوة إلى وحدة العراق وإبعاد النفوذ الإيراني الذي أصبح يتحكم في سياسات العراق الداخلية والخارجية، لذلك يأتي التحرك الكويتي بعد غياب التحرك العربي وغياب الرؤية العربية المشتركة حول كيفية إنقاذ العراق الشقيق من محنته بعد تحرير الموصل والقضاء على الإرهاب.

والسؤال الآن هو: كيف يمكن جمع الأموال لإعادة إعمار العراق، والكل يعرف (بما في ذلك الدول العظمى والأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والدول العربية) أن العراق بلد غني بثروته النفطية وثرواته البشرية والطبيعية الأخرى؟ نعم، إنه غني بالفعل، لكن ما ينقصه اليوم هو توفر قيادة سياسية وطنية تؤمن بوحدة الشعب العراقي وأراضيه.

لقد ابتلي العراق منذ عام 2003 بقيادات طائفية تؤمن بالانتقام من الفئة التي كانت تحكم البلاد سابقاً، وقد بدأت تخلق الانقسامات الطائفية المقيتة على أيدي أحزاب طائفية شيعية ومليشيات درّبتها إيران لتحقيق مصالحها في المنطقة. لقد بدأت الخلافات منذ عام 2003 بين السنة والشيعة، وذلك بسبب إصرار القيادات الجديدة على إقصاء كل طرف أو طائفة لا تنتمي حزبياً وطائفياً وأيديولوجياً لتيارها «السياسي»، مما مهّد الطريق لبروز حركات تزعم رفعها لواء الدفاع عن السنة، مثل «القاعدة» ثم «داعش»، واليوم توسع الخلاف ليشمل القيادات السنية السنية، والشيعية الشيعية، فكلها تتنازع على السلطة والقوة والمال، مما يدل دلالة قاطعة على أن طبيعة الصراع ذات بعد سياسي أكثر منه طائفياً.

وحتى تتحقق مبادرة إعادة الإعمار وتأتي بنتائجها المطلوبة، يجب عدم تسليم المساعدات والأموال للحكومة العراقية أو للساسة العراقيين (بمن في ذلك البرلمانيون)، فمعظم هؤلاء حولهم شبهات فساد وطائفية، كما أنهم لم يبذلوا أي جهد لإعادة إعمار العراق، لذلك لا توجد اليوم كهرباء ولا ماء ولا مدارس ولا مستشفيات ولا طرق.. ولا شيء سوى الدمار والفوضى، في معظم أنحاء البلاد.

يمكن للكويت ودول مجلس التعاون الخليجي والدول الأوروبية والولايات المتحدة، أي الدول المانحة للأموال، تشكيل فريق دولي متخصص في إعادة الإعمار لكل مناطق العراق، يتعاون مع حكومة وطنية تستقطب كل مكونات المجتمع العراقي دون إقصاء أحد، بل على قاعدة المساواة والمواطنة ورفض استغلال الهوية الدينية والعرقية وتوظيفها في الصراع على السلطة والنفوذ.