أسامة يماني

كثيرون انتظروا نتائج اجتماع وزراء الخارجية للدول الداعية لمكافحة الإرهاب بفارغ الصبر متوقعين سماع مزيد من العقوبات على حكومة قطر ومعاقبتها على سجلها الحافل بالخيانة والغدر وتمويل الإرهاب.

وقد أوضح وزراء خارجية الدول الأربع أن فرض مزيد من العقوبات أمر سيتم في حينه؛ إذ إن المقاطعة السياسية والاقتصادية التي نفذتها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب أعطت وأدت نتائجها بأسرع مما تحاول حكومة قطر أن تخفيه، فقد جعلت هذه العقوبات حكومة قطر في موقف المدافع عن نفسها بدلاً عن المهاجم وفشلت في التماسك أمام الإجراءات التي اتخذت ضدها وظهر مدى أثر خضوعها للتنظيم الإخونجي الذي سخر قناة الجزيرة في الهجوم على جمهورية مصر العربية والتحريض عليها في محاولة من التنظيم إفشال جهود مصر في إصلاح ما أفسدته جماعة الإخوان عندما وقعت مصر في قبضتهم. إن الإجراءات التي اتخذت ضد قطر كان لها أثر مدمر ما زالت تداعياته تتوالى؛ لذا فقد أحسنت صنعاً الدول الأربع عندما أخذت تهيئ وتعد المسرح للمرحلة الثانية. فقطر لا تملك أن تصمد على المدى القريب إلا بدعم من دول خارجية نظراً لعدم توافر الإمكانيات اللازمة والضرورية لمواجهة هذا الإعصار السياسي والاقتصادي والإعلامي. كما أن قطر تراهن وتعول على سند ودعم الدول الغربية لوجهة نظرها وكذلك على الموقف الأمريكي منها لتخفيف البنود والشروط المطلوب من قطر تنفيذها. وبغض النظر عن صحة قراءة قطر لمواقف الدول الغربية فإن هذه القضية فرصة كبرى للدول الأربع لمراجعة الخطاب الأوروبي والمعايير المزدوجة والسياسات الضبابية التي تنتهجها في مكافحة الإرهاب، وكذلك استضافة بعض الإرهابيين والمحرضين في بلدانهم، الأمر الذي يساهم في تعقيد عملية مكافحة الإرهاب.

إن بيان الدول الداعية لمكافحة الإرهاب والمتمثل في نقاطه الست اشتمل على أسس من شأنها منع قطر من تمويل ودعم ورعاية الإرهاب ورفع الغطاء عنها بأي شكل من الأشكال. فكما جاء في أحد البنود الستة أن دعم التطرّف والإرهاب ليس قضية تحتمل التسويف، هذا البند يحمل في طياته الكثير من المداليل والمعاني التي تستوجب الوقوف أمامها؛ إذ إن دعم التطرّف الذي يشمل توفير المنابر الإعلامية والإقامة والسكن والمال والغطاء القانوني بكافة أشكاله وأنواعه، لا يمكن السكوت عنه؛ لأن المشكلة لا تحتمل التسويف وكل دولة مطلوب منها أن تتحمل مسؤولياتها وتقوم بواجباتها والتزاماتها وإن الدول الأربع بوضعها هذه البنود تكون قد بينت وأشعرت الجميع بأن القضية تهم العالم أجمع وليس فقط الدول الأربع، وعلى قطر ومن يقف وراءها أن يعلموا مدى أهمية وحساسية هذه القضية التي لا تحتمل التسويف. كما ورد في البيان إشارة واضحة إلى أهمية التزام الجميع بالقوانين الدولية، فالقضية موضوعية تتعلق بالقوانين الدولية الواجبة الالتزام وليس كما تحاول قطر أن تصور أنها اعتداء عَلى سيادتها وعلى كيانها، فمحاربة الإرهاب ووقف تمويله التزام دولي يجب على الجميع التمسك به.

البيان وما جاء فيه من بنود يظهر مدى الحرفية السياسية لهذه الدول الأربع وبعدها عن التشويق والترويج الإعلامي، كما أظهر مدى جدية وعزم وحزم هذه الدول في معالجة هذه القضية وعدم التسامح أو التساهل مع الدور القطري التخريبي حسب ما ورد في البيان. وإن البند الذي أشار إلى ضرورة الالتزام ببيان الرياض وبيان القمة الإسلامية الأمريكية التي عقدت في الرياض يعني أن الدول الأربع تهيئ وتجهز المسرح والأرضية للمرحلة القادمة؛ لأن القضية تهم الجميع من كل الجوانب وعلى كافة الأصعدة، وأن تدويل هذه القضية على المستويين الإسلامي والدولي سوف يجعل قطر ومن يقف وراءها مكشوفين ومفضوحين، الأمر الذي سوف يساهم في حل القضية التي تهم العالم، ولن يقبل من قطر الردود السلبية التي تفتقر إلى المضمون؛ لأن المطلوب من قطر القيام به هو تنفيذ كافة الشروط التي تؤدي إلى وقف دعم وتمويل ورعاية الإرهاب.

مؤتمر وزراء خارجية الدول الداعية لمكافحة الإرهاب أرسل أكثر من رسالة للعالم ولدول المنطقة ولسمو أمير دولة الكويت، حيث شكر وزراء الخارجية سموه على الدور الكبير الذي قام به، وكذلك وجه الوزراء رسائل لمواطني دولهم والدول العربية والإسلامية ومواطني دولة قطر وللمتورطين، وفِي نفس الوقت قام بالتجهيز للمرحلة الثانية؛ لأننا أمام مفترق طرق وأمن قومي لا يفاوض أو يتساهل فيه.