وسام سعادة


لم يعد لسؤال «الى أين؟» وهجه. ان كان من سؤال له قيمة ومغزى في الوقت الحالي، فهو «أيننا الآن؟».

أيننا الآن؟ في لبنان أم في سوريا؟ لم ترسم الحدود خلافاً للمطالبة «السيادية» اللبنانية بذلك. لم تراقب أعداد المتدخلين من «حزب الله» في الحرب السورية، ذهاباً وجيئة على جانبي الحدود المبهمة. دخلها الحزب أول ما دخلها بدعوى أن هناك قرى «لبنانية» داخل سوريا، هكذا أسماها في وقته، وبعدها كي لا يدخل التكفيريون الأراضي اللبنانية. اليوم يحارب «جبهة النصرة» في الأرض المبعثرة، ذات الحدود الغالبة. أيننا الآن؟ في حالة فظيعة من اختلاط الحابل بالنابل. قصف سوري على أراض لبنانية. مسلحون سوريون وأجانب على الارض اللبنانية. وحزب «في عجلة من نصره»، وفي عجلة من توظيف نصره، في هذه السنة الانتخابية المشرّعة الأبواب أمام احتمالات عديدة.

أيننا الآن؟ وسط صراع بين ظلمة ونور، أو بين ظلاميين وتكفيريين، بين ارهاب أصغر وارهاب أكبر أو بين أبناء بلدنا يقابلهم معتدون؟ في صراع مع الارهاب أو في مواجهة مسعى حثيث من نظام آل الاسد للنفاذ مجدداً للداخل اللبناني ومعادلاته؟ الأوضح أننا وسط ركام.. ركام تداعي أوهام كثيرة وانتفاخة أوهام أخطر منها. الوهم الأكبر والأخطر الآن: اعادة تشكيل المشرق العربي على صورة الحشد الشعبي العراقي ومثاله. الوهم المصاحب: امكانية اعادة الحياة لنظام البعث في سوريا من الحلف نفسه الذي يستمد كل اندفاعته منذ مطلع الالفية، من عمله على إسقاط نظام صدام حسين.

أيننا الآن؟ نقلة حادة من البحث المضني عن قانون انتخاب الى معارك حادة في الجرود. تشابك خطير بين تحد اغاثي وانساني وديموغرافي، يتصل باللجوء السوري، وبين تحد أمني وحربي، يتصل بتمدد الحرب السورية الى شرقي لبنان. حيلولة حكومية دون الانزلاق نحو تفاوض مع النظام الاسدي، وقلة حيلة حيال الوضع في سلسلة جبال لبنان الشرقية. 

أيننا الآن؟ في حالة حرب مزمنة أم في حالة سلم أهلي على مستوى الداخل والاكتفاء بحرب طرفية حدودية بحت؟ في عصر تتكفل فيه طائفية بحماية الطوائف الاخرى، أو تكرّس فيه نفسها كطائفة مرجعية؟ وأيننا انتخابياً في ظل هكذا مشهد؟ حالة طلاق نافرة بين المهتمين بتنسيق الأحلاف واللوائح وبين مشاهد الكر والفر فوق التلال.

أيننا الآن؟ في بلد بلا حدود، يراد له أن يحرر حدوده من الارهاب؟ في المكافحة الاستباقية له أم الاستدعائية؟. في بلد لا تعرف إن كان يبعد نفسه الآن عن حرائق الاقليم أو يندمج بها أكثر. في بلد مهرجانات الصيف، أو الحشد الشعبي، أو خلطة من هذا وذاك؟.