محمد الحمادي 

تابع الجميع «الفرحة» القطرية يوم أمس بوصول الرئيس التركي إلى الدوحة واستقباله بشكل استثنائي رسمياً وشعبياً، وفِي مثل الظروف التي تمر بها قطر من المتوقع أن «تصنع» الفرح لنفسها كما غيرها من الشعوب والحكومات التي من حقها أن تبحث عن السعادة، خصوصاً عندما تكون في مشكلة، فما بالنا إذا كانت في أزمة كبرى كالتي تعيشها قطر منذ خمسين يوماً بمقاطعة أربع دول شقيقة لها، وقطع جميع علاقاتها معها، وإغلاق حدودها البرية وأجوائها ومياهها الإقليمية؟

لا شك في أن أي شيء بسيط سيتم تحويله إلى مظاهرة فرح كبرى، وأي بارقة أمل لانفراج الأزمة سيتغنى بها الإعلام، وسيحاول أن يوهم الشعب بأنه ليس هناك تأثير للأزمة، وأن الأمور على ما يرام وجميع الأصدقاء معها، بل ودول العالم تقف معها، وأن الأزمة ستنتهي قريباً، وأنهم الطرف الأقوى والطرف الذي سينجح في النهاية، وهذا ما لاحظناه منذ أيّام عندما تكلمت الدول الأربع عن المبادئ الستة لحل الأزمة، فاعتبر إعلام قطر الأمر تراجعاً أو تخفيضاً من الدول لشروطها، وتراجعاً عن المطالب الـ 13 واحتفل إعلامه بذلك، وقال إن قطر تنتصر! وكانت محاولة غير موفقة لإشاعة فرح مفبرك!

ولو رجع المطبّلون إلى عدة أيّام لاكتشفوا أن الكلام عن المبادئ الستة قيل في اجتماع القاهرة عندما اعتبر الوزراء الأربعة المطالب الثلاثة عشر لاغية، ولا يمكن الحديث عنها، وأن الحديث والتفاوض حولها اليوم لم يعد ممكناً، وهذا يكشف أن البعض في قطر لا يتابع تفاصيل الأزمة وتطوراتها أولاً بأول، وبالتالي يحاول أن يُفبرك القصص والأحداث ليبيّـن للشارع أن الأمور في صالح قطر، في حين أن أمير قطر قال شخصياً إن الوضع الذي يمرّون به صعب.

وأمس وخلال زيارة أردوغان لقطر حاول الإعلام القطري أن يحوّل هذه الزيارة العادية إلى احتفالية كبرى، حتى كاد البعض يشعر وكأنها «احتفالية وطنية»، وأن قطر تعيش فرحة حقيقية! وأن الرئيس التركي هو المنقذ الذي جاء بعد طول انتظار! لكن الحقيقة أن كل ما حدث هو محاولة «فبركة» كبيرة للفرح والانتصار وإشعار الشعب وكأن الفرج قد يأتي من تركيا، فسرعان ما تلاشت كل تلك المشاعر وانطفأت تلك الفرحة بمجرد مغادرة الرئيس التركي للدوحة من دون تحقيق أي شيء مما انتظره الشعب القطري الذي اكتشف من جديد أن هناك من يخدعه!

والغريب أن من يشيعون هذه الحالة المفبركة من الفرح يتجاهلون الحلول الحقيقية والعملية والقريبة لأزمة المقاطعة والتي هي في الرياض على بعد مئات الكيلومترات من الدوحة، وبدلاً من أن يقوم إعلام قطر ومتخذو القرار بتغيير البوصلة من أنقرة إلى الرياض، فإنه يلجأ لكل ما نسمعه من «فبركة» اتهامات جديدة للمملكة العربية السعودية، وأسوأها ادعاء منع الحجاج القطريين من أداء مناسك الحج هذا العام وإثارة الشارع والمواطنين القطريين ضد الحكومة السعودية، على الرغم من تكرار المملكة أنها ترحب بالحجاج القطريين وبجميع الحجاج المسلمين.