خالد أحمد الطراح

 «جارٍ الدراسة، وجارٍ تلافيها».
هذه المفردات ملخص ما تتضمنه ردود معظم الجهات الحكومية في تعقيبها على تقارير ديوان المحاسبة، سواء في تاريخ الحكومات المتعاقبة، أو في 2015 – 2016، وغالباً ما ستتكرر نفس الردود بالرغم من توجيهات سمو رئيس الوزراء الأخيرة رسمياً بتسوية جميع المخالفات.

معظم تقارير الديوان أصبحت اليوم على موقعه الإلكتروني، وحين يدقق أي متصفح يجد أن ثمة عاملاً مشتركاً سلبياً بين كل الوزارات والمؤسسات التابعة، وهو يتمثل في أن التعقيب يأتي بنفس المضمون، والتأكيد أيضاً على التعاون مع رقابة المحاسبة!
أصبح مفهوم «التعاون» محل تندّر بسبب أسلوب تعقيب الوزارات، التي من بينها الأمانة العامة لمجلس الوزراء، التي حفل التقرير السنوي 2015 – 2016 لديوان المحاسبة بمخالفات متفاوتة وعديدة في مؤسسة مجلس الوزراء!
مفهوم التعاون لا يحتاج إلى اجتهاد، ولكنه بات مشوهاً من كثرة اجتراره من الجهات الحكومية المخالفة لقوانين الرقابة المسبقة واللاحقة، فالتعاون يعني ببساطة العمل المشترك بجدية نحو تصويب وتسوية المخالفات، ولا يعني التعاون في تزويد ديوان المحاسبة بالمستندات والأوراق المطلوبة، فمثل هذه الأمور من البديهيات التي يستوجبها القانون، ولكن يبدو أن هناك من يحاول استغلال توفير المستندات للديوان كشكل من أشكال التعاون، ربما سعياً إلى تخفيف ضخامة المخالفات، وإبراز جزء مشرق للجهات المخالفة، وهي إشراقة تجد لها انعكاساً على دهاليز مجلس الوزراء، وليس على أبواب الرقابة المالية أو البرلمانية!
نقلت وسائل الإعلام مراراً عن حث رئيس الحكومة للوزراء على تسوية المخالفات للأجهزة الرقابية والنيابية أيضاً، بغض النظر عن حجم وطبيعة المخالفات، وهو توجه طيب لسمو الرئيس، ولكنه ليس كافياً، ولا هو الحل العملي، الذي يمكن أن يحقق التطلعات المنشودة.
الحل ليس صعباً، ويحتاج فقط إلى تخصيص جلسات للحكومة خلال العطلة الصيفية لاستعراض كل ما جاء في تقارير ديوان المحاسبة، واستعراض الحلول الفعلية وليس «جارٍ تلافيها»، فثمة فرق شاسع بين الحلول و«جارٍ اللازم»!
لقد سئم الشعب الكويتي من قراءة ردود إنشائية للسلطة الحكومية ووزرائها في التعقيب بأنه «جارٍ اللازم والدراسة»، فهي ردود قد تفهم على أنها هروب من المسؤولية وإبراء الذمة شكلياً!
نتمنى عقد اجتماعات استثنائية للحكومة والمحاسبة العلنية حيال المخالفات المتراكمة، التي أدت اليوم إلى قيام مجلس تأديبي لديوان المحاسبة، ولكن حتى بوجود هذه المجلس ما زال نزيف المخالفات والهدر للمال العام مستمراً!
نحن لا نشكك في الذمم، ولكننا فقدنا الأمل في الإصلاح، والأمل لن يعود طالما استمرت سياسات الحث والتوجيهات، فكلمة «جارٍ» تدور في فلك الحكومات المتعاقبة منذ سنوات.. فهل يعقل أنه ليس أمام الجهات الرقابية سوى التعامل مع كلمة «جارٍ»!
تلجأ الجهات الحكومية والمؤسسات التابعة إلى نفس المبررات، إلى درجة أن الخسارة التي يتعرض إليها المال العام من خلال استثمارات غير مجدية، ونتيجة قرارات فردية، يتم الرد عليها بأنه سيتم «تلافي» المخالفات، بالرغم من أنها خسارة بمليارات الدولارات!
نأمل أن يصدر بيان رسمي في القريب العاجل بعقد اجتماعات لمجلس الوزراء فقط لحسم جميع المخالفات في نفس يوم الاجتماع، من دون منح الفريق الوزاري المزيد من الوقت حتى لا يخرج إلينا نداء شعبياً.. تحلوا بالصبر بدلاً من «جارٍ اللازم»!