محمد هزاع المطيري

منذ أن استقلت الكويت، وهي تسير بخطى متوازنة في علاقاتها مع جيرانها وبقية الدول، والتاريخ يشهد أن للكويت سياسة، ربما لا تعتمدها الكثير من البلدان، فهي تتعامل مع الجميع على أساس الاحترام وحسن الجوار.

والغزو العراقي لها أثبت ذلك من خلال الحشد العالمي، الذي هب لنصرتها وتحريرها، ومع مرور السنين نجد أن الكويت لم تجعل للغزو العراقي عنواناً لتعاملها مع عراق اليوم.. فها هي العلاقات تزداد متانة ورسوخاً من دون أن ينغصها ما جرى من أحداث، حيث تركتها الكويت وراء ظهرها، وفتحت صفحة جديدة، أساسها حسن الجوار والاحترام المتبادل، وهو ما تحقق على أرض الواقع.
وحتى من أخطأ بحق الكويت وجد بعد ذلك تسامحاً وعفواً، فعلى سبيل المثال السلطة الفلسطينية كان لها موقف سيئ وقت الغزو، ولكن ما زالت الكويت تدعم وبقوة القضية الفلسطينية منذ خمسينات القرن الماضي وحتى اليوم، وموقفها لم يتغير ولم يتزحزح عن الحق الفلسطيني بعودة الأرض لأبنائها من المحتل الإسرائيلي.
ولو عرجنا على الأزمة السورية، فسنجد أن الكويت الدولة الوحيدة في العالم، التي استضافت ثلاثة مؤتمرات دولية لجمع التبرعات للشعب السوري، مما أكسبها مكانة عالمية متميزة في نصرة الشعوب، ودعم اللاجئين حتى تبوأت المرتبة العالية من خلال تتويج صاحب السمو بلقب «أمير الإنسانية».. بالإضافة إلى أن الكويت لم تكن لديها أجندة لدعم الفصائل المتحاربة في الداخل السوري، ولم تنصر جماعة على أخرى، مما أكسبها ثقة الجميع.


واستمراراً لسياسة الكويت المتوازنة، والفريدة من نوعها بين دول العالم، نجدها مؤخراً التي تقود جهود الوساطة، بل وعلى رأس تلك الجهود، وهذا بشهادة جميع الدول الكبرى، حيث ما زالت تتلقى التأييد والدعم العالمي للمبادرة، التي يتبناها سمو الأمير حتى الوصول إلى الحل الذي يرضي الأطراف الخليجية.


واليوم، نجد كويت المحبة تعاني من إيران كدولة جارة.. نعم، تعاني من تدخل سافر في شؤونها الداخلية، وما الإجراءات الدبلوماسية الأخيرة التي اتخذتها الحكومة إلا رسالة، يجب أن تفهمها إيران جيداً، لأن الكويت لم تتدخل يوماً بشؤون إيران وبشهادة الحكومة الإيرانية نفسها، ولكن ورغم النداءات المتكررة لإيران نجد أنها ما زالت تسير على نفس النهج، ولا تفرق بين عدو وصديق وجار، وهو ما سيرتد عليها سلباً، ويزيد من عزلتها أكثر، إن لم تتوقف عن هذه السياسة لجيرانها، لأنها أصبحت لعبة مكشوفة، تجعل من إيران خطراً يزداد يوماً بعد يوم، وهو الشيء الذي سيجبر هؤلاء الجيران مستقبلاً على التعاون مع المجتمع الدولي لإجبارها على تغيير سلوكها بكل الوسائل، إن استمرت في اعتماد أسلوب التدخل هذا.. وقد ثبت بما لا يدعو مجالاً للشك، وبعد هروب إرهابيي الخلية من الكويت، والحديث الذي تردد عن تورط إيران في دعمهم وتهريبهم، أن التعامل بسياسة حسن النوايا والصدق والمودة والإخاء يبدو كأنه لم ينفع مع هذه الدولة.