سعيد السريحي

تباهى رئيس تحرير صحيفة كيهان الإيرانية، وهو يتحدث إلى أعضاء الوفد الإعلامي السعودي الذي زار طهران في آخر أيام ولاية الرئيس الإيراني محمد خاتمي، بأن ثورة الخميني الشيعية قد أفادت السنة مثلما أفادت الشيعة، ثم أضاف: نجاح ثورة الخميني وإسقاط الشاه أكدا للسنة أن الاستمرار في النضال سوف يحقق لهم النجاح الذي حققته الثورة الشيعية، وراح بعدها يتحدث عن الحركات «الجهادية»، حسب تعبيره، والتي ظهرت بعيد ثورة الخميني.

قلت له يومها، وكنت أحد أعضاء ذلك الوفد الإعلامي، إذا كان ثمة من علاقة بين ثورة الخميني وتلك الحركات «الجهادية» فإنما يتمثل في أنها النقيض لها المتغذي على خصومتها والعداء معها، وتبسم رئيس تحرير صحيفة كيهان، والتي كانت لسان الجناح المحافظ المتشدد في إيران، ابتسامة لم أدرك مغزاها وراح يتحدث عن أمور أخرى تتعلق بالعلاقات الثنائية بين المملكة وإيران.

الأحداث التي تلت تلك الزيارة بينت لي ما لم أكن أعلم وعرفتني بسر تلك الابتسامة المواربة التي لاحت على وجه رئيس تحرير كيهان، لم تكن المسألة، كما كان يحاول أن يوهمنا، لا تخرج عن نظر الحركات الجهادية السنية للثورة الشيعية باعتبارها أنموذجا للنضال الذي لا يمسه يأس، كما لم تكن، كما كنت أتوهم، ردة فعل سنية تتغذى على العداء المذهبي بين السنة والشيعة، وإنما، كما شهدت العلاقات الوطيدة بين إيران والقاعدة وبين إيران وداعش، نتيجة تنسيق وتعاون وتخطيط نجح من خلاله النظام الإيراني في اختراق الصف السني وتوليد جماعات متطرفة فيه، لم تلبث أن وجدت تلك الجماعات الجهادية السنية في مدوناتها ما يعزز توجهاتها المتطرفة، كما نجح النظام الإيراني، بعد أن ضرب الاعتدال السني بالتطرف السني، أن يبلور جماعاته وأحزابه وميليشياته المتطرفة التي تتحرك في فضاءات سنية أنهكها الصراع.