زاهي حواس

هناك إعلانات كثيرة عن وجود حجرات وسراديب سرية داخل هرم الملك خوفو، بل وهناك كثير من الناس في كل مكان يحلمون بالعثور على أدلة داخل الهرم تثبت أن هذا الهرم ليس صناعة مصرية، ووصل الحال بأحد الحاقدين على حضارة مصر أن يرسل اثنين من الألمان إلى مصر وقاما للأسف برشوة بعض الموظفين في منطقة الهرم لكي يتمكنا من الدخول وعن طريق سلم طوله تسعة أمتار وصلا إلى الحجرات الخمس التي تقع فوق حجرة الدفن؛ وقد شيد المصري القديم هذه الحجرات لتتحمل أي ضغط عن سقف حجرة الدفن؛ وكذلك حماية الهرم من الزلازل. واستطاع هذان الألمانيان أن يحصلا على عينات من اللون الأحمر الذي كُتب به اسم فرقة العمال التي كانت تعمل في هرم خوفو؛ وتعرف باسم «أصدقاء الملك خوفو»، وبعد أن حصلا على عينة بمساعدة هؤلاء الخونة قاما بتحليلها وأعلنا أنهما تأكدا أن عمر الهرم 15 ألف سنة، وهما لا يعرفان أن هذه العينة جاءت من محجر بالصحراء الغربية من منطقة معروفة في الدولة القديمة باسم «الجبل المائي» لـ«جدف رع»، وهو ابن الملك «خوفو»، وقد يعود عمر المحجر إلى نصف مليون سنة وليس له صلة بعمر الهرم أو زمن بناء الهرم... ولذلك فهناك محاولات للنيل من هذه الحضارة.

أما العمل المصري الوحيد الذي كشف للعالم كله عن سر واضح وحقيقي أكد للعالم كله عظمة الحضارة المصرية، وذلك عندما وجدنا أن نسبة الرطوبة داخل الهرم وصلت إلى 80 في المائة، وكان هناك ضرورة لكي يتم تنظيف الفتحات المعروفة باسم «فتحات التهوية»، وبعد ذلك يتم ربطها بمراوح لكي تجلب الهواء داخل الهرم، فكان لا بد من استعمال الروبوت لكي يتم تنظيف الفتحات التي تبلغ مقاساتها (20 سم 20x سم)، وفعلاً دخل الروبوت داخل الفتحة الشمالية وهو متصل أمامنا بشاشة تلفزيونية، وكنا نرى الروبوت وهو يسير داخل الفتحة ونرى لأول مرة شكل الأحجار ونشاهد كيفية ربط بعضها ببعض، وعندما رأيت هذا المشهد قلت في نفسي: «إن الرحالة العرب عندما زاروا الهرم في القرن التاسع الميلادي وشاهدوا عظمته قالوا المثل الشهير: (إن الإنسان يخشى الزمن وإن الزمن يخشى الأهرامات)».

وبعد ذلك أخذنا الروبوت إلى الفتحات الموجودة داخل الحجرة الثانية التي يطلق عليها اسم «حجرة الملكة»، وعندما أرسلت الروبوت داخل الفتحة الشمالية وسار لمسافة 20 متراً، وبعد ذلك وجد أن الفتحة غير منتظمة، بل وتميل إلى الناحية الجنوبية، ولم يستطع الروبوت أن يناور لدخولها، وانتقلنا إلى الفتحة الجنوبية وسار الروبوت لمسافة 60 متراً ووقف أمام باب من مقبضين من النحاس، وبعد ذلك استعملنا روبوتاً آخر وقمنا بعمل ثقب يصل قطره إلى 1 سم، وأرسلنا كاميرا دقيقة لتصور باباً ثانياً خلف الباب الأول ودون مقابض من النحاس وعلى بعد نحو 21 سم من الباب الأول، وبعد ذلك ذهبنا إلى الفتحة الشمالية ووجدنا أنها تميل يميناً وشمالاً إلى مسافة 8 أمتار لكي تتفادى البهو العظيم، وبعد ذلك وصل الروبوت إلى مسافة 60 متراً ووقف أمام باب ثالث بمقابض من النحاس.

ماذا يوجد خلف هذه الأبواب؟ هل نعثر على الكتاب الذي كتبه خوفو وحدثنا عنه المؤرخ المصري مانيتون؟ هل حجرة الدفن الخاصة بالملك خوفو ما زالت موجودة داخل الهرم؟ وأن هذه الأحجار تحدد هذه الحجرة؟ هذا ما سوف تكشف عنه الأيام المقبلة.