عمار عوض 

لا تزال إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تراوح مكانها ولم تسم جماعة «الإخوان المسلمين» منظمة إرهابية أجنبية كما كان متوقعاً، وهو الشأن الذي يندرج ضمن اختصاص وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي اختار الوقوف إلى جانب الجماعة وداعميها في قطر وتركيا، عوضاً عن العرب بحسب التقرير المطول الذي نشره مركز «كلاريون بروجكت» لدراسة الجماعات المتطرفة، مشيرة إلى رفض تيلرسون أخيراً لتسمية الجماعة منظمة إرهابية منتصف يونيو/حزيران الفائت.


وقال بي ريان ماورو كاتب التقرير «خيبة الأمل في موقف تيلرسون الآن أضعاف مضاعفة مما سبق، خاصة أن الآن هو الوقت الأمثل لتسمية المجموعة إرهابية»، موضحاً: «إن العالم العربي يمارس ضغوطاً غير مسبوقة على قطر لدعمها جماعة الإخوان وغيرهم من المتطرفين والمتشددين. وهو ما يجعل أصدقاءنا المسلمين يتساءلون عن موقف الولايات المتحدة، لأن ترامب وتيلرسون ليسا على نفس القراءة».
وأشار إلى أن تيلرسون يدافع بالقول إن النقطة الرئيسية بالنسبة له هي أن الأحزاب السياسية للإخوان لديها ممثلون في حكومات مثل تلك الموجودة في تركيا، كما يتحدث تيلرسون مراراً وتكراراً عما يسميه الدعاية «غير العنيفة» و«المعتدلة» لجماعة الإخوان المسلمين. وادعى أن الأحزاب السياسية للإخوان في الحكومات يعني أنها «أصبحت بذلك في طريق التخلي عن العنف والإرهاب».
يذهب خبير مكافحة الإرهاب باتريك بول إلى حد التأكيد أن تيلرسون «يخرب» سياسة ترامب الخارجية ويحثه على الرحيل عن الإدارة، مبرراً ذلك بان الرئيس ترامب أعرب عن دعمه للتدابير العربية ضد قطر ووصف قطر بشكل قاطع بأنها ممول رئيسي للإرهاب، وفعل تيلرسون العكس تماماً، ووصف قطر بأن تدابيرها «معقولة جداً» في رد فعلها على ضغوط العرب.
وبرر الكاتب محاباة تيلرسون لقطر عندما وقع معها اتفاقاً لمكافحة الإرهاب، بأن «تفضيل تيلرسون لقطر له صلة بالعلاقات الوثيقة مع الحكومة القطرية كرجل أعمال من شركة إكسون موبيل،التي لها علاقة طويلة الأمد مع الحكام في الدوحة»، مضيفاً «كانت إكسون موبيل عضواً مؤسساً في مجلس الأعمال الأمريكي - القطري في عام 1996، وهو كيان أنشأه النظام القطري. وكان تيلرسون مسؤولاً كبيراً في ذلك الوقت. وهناك عضو مؤسس آخر هو قناة الجزيرة، وهي شبكة الدعاية الصديقة للإرهابيين والمقاتلين المتطرفين التي تديرها قطر والإخوان. ومن أهم مطالب الدول العربية إقفال الشبكة التي يقع مقرها الرئيسي في الدوحة».
ويوضح الكاتب: بعد أن أصبح تيلرسون رئيساً لمجلس إدارة شركة إكسون موبيل، أصبح عضواً في المجلس الاستشاري لمجلس الأعمال الأمريكي-القطري. وكان على ما يبدو قد شغل هذا المنصب حتى بعد أن أصبح وزير الخارجية، حيث لا يزال اسمه مدرجاً في هذا العنوان على موقع المنظمة (!!)، واسم نائب رئيس إكسون موبيل للإنتاج مدرج حالياً كعضو في مجلس إدارة المجلس، كما تظهر أسماء مسؤولي الجزيرة في المجلس الاستشاري ومجلس الإدارة.
يقول موقع المنظمة على شبكة الإنترنت، إن مجلس الأعمال الأمريكي - القطري «لعب دوراً رئيسياً في تشكيل مؤسسة قطر الدولية (مقرها الولايات المتحدة)». وتعتبر مؤسسة قطر التي تتخذ من الدوحة مقراً رئيسياً لها، الداعم الاول للإسلاميين في أمريكا.
ويفصل الكاتب بالقول «عندما بدأت الحملة العربية ضد قطر، بدأ القطريون فوراً باستخدام اتصالاتهم لمحاولة الفوز بوزارة الخارجية الأمريكية. ونشرت جماعات الضغط التي لها نفوذ والتابعة لها في أمريكا. وتحاول أكبر ثلاث شركات طاقة في الغرب، بما في ذلك شركة إكسون موبيل، التوصل إلى اتفاق مع الحكومة القطرية لتوسيع إنتاج الغاز الطبيعي المسال.
ويرى الكاتب أن قطر ليست الدولة الوحيدة التي تعمل بقوة على التأثير بالسياسة الخارجية الأمريكية في اتجاه موات للإخوان المسلمين. كما تقود الحكومة التركية الجهود نفسها، وقال إكسون موبيل عضو في مجلس الأعمال الأمريكي -التركي أيضاً والرئيس هو إكين ألبتيكين، وهو رجل الأعمال التركي نفسه الذي صار جزءاً من الجدل حول المستشار السابق للأمن القومي، الجنرال مايكل فلين.
وكانت شركة ألبتيكين قد أبرمت عقداً بقيمة 600 ألف دولار مع شركة فلين لتعزيز مصالح حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وسجلت شركة فلين كمجموعة ضغط ولكن لم تسجل كشركة أجنبية. وقد بدأت شعبة الأمن القومي بوزارة العدل تحقيقاً في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وسجل فلين كوكيل أجنبي لتركيا بعد إقالته وحل محله الجنرال ه.ك.ماكمستر.
ويقول الكاتب «نحن لا نعرف حالياً التعامل المباشر بين تيلرسون وألبتيكين، لكن مشاركة إكسون موبيل في مجلس الأعمال الأمريكي التركي تبرز كيف أن علاقته السابقة مع الحكومة التركية قد تؤثر في سلوكه». مضيفاً «وفي الوقت الذي يوجد فيه مدافعون قلائل عن أردوغان، نجده يحظى بتأييد تيلرسون». وقال «في 9 يوليو/تموز، سافر تيلرسون إلى اسطنبول لتلقي جائزة من المؤتمر العالمي للبترول. هناك أثنى على أولئك الذين دافعوا عن أردوغان ضد محاولة انقلاب العام الماضي، وذهب إلى حد وصف الحكومة الإسلامية كديمقراطية». ونقل عن تيلرسون قوله يومها: «قبل عام تقريباً، وقف الشعب التركي -الرجال والنساء الشجعان- ضد المتآمرين من الانقلابيين ودافع عن ديمقراطيته. وأغتنم هذه اللحظة للاعتراف بشجاعتهم وتكريم ضحايا أحداث 15 يوليو 2016. وفي ذلك اليوم كان الشعب التركي يمارس حقوقه بموجب الدستور التركي، دافع عن مكانه في تركيا المزدهرة، ونحن نتذكر أيضاً الذين أصيبوا أو ماتوا في تلك الحالة».