عبدالله جمعة الحاج

أحداث وملابسات الخلية الإرهابية التي تم اكتشافها في الكويت، والإثبات بالأدلة القاطعة أن دبلوماسيين كباراً من أعضاء السفارة الإيرانية، كانوا يساعدون ويديرون ويرشدون قادة وأعضاء الخلية، وبأنها كانت تعقد اجتماعاتها في مبانٍ تابعة للسفارة الإيرانية، دليل قاطع جديد على أن الجارة الكبرى تعبث بأمن جيرانها الصغار، وبأن سكوتهم الطويل والمستمر لعقود عما تقوم به من عبث وأعمال تخريب وإرهاب، يزيد من أطماعها فيهم ومن استمرارها وإصرارها على ذلك بطريقة يقول عنها الإخوة في الكويت، إنها مستغربة وعجيبة، لكننا نحن كمراقبين منذ أمد طويل لما تقوله إيران وتخطط له وتفعله، نفيدهم بأن ذلك ما هو سوى نزر يسير جداً مما هو في جعبة إيران من نوايا سيئة تجاه دول الخليج العربي وشعوبها، خاصة إذا ما ترك لها الحبل على الغارب، انطلاقاً من نوايا حميدة تجاهها كما هو حال أشقائنا في الكويت.

إيران لن يهدأ لها بال ولن تتوقف عن محاولات زرع الشقاق في أوساط التركيبات السكانية لدول الخليج العربي الست واليمن والعراق وسوريا، وإن اعتقد بعض نظم الحكم أنها بعيدة عن النوايا الشريرة لإيران تجاهها، ولن اسمي هنا، ولكن إيران لا تستثني أحداً منكم أيها العرب، وإن اعتقدتم أنكم تشاطرونها نفس المذهب، ومثلنا الشعبي في الإمارات يقول: «إذا حشر جارك فحشرك قريب»، بمعنى أنه إذا ما جاء يوم الحشر إلى جيرانك، فإنه لا محالة قادم إليك. وإلا فماذا يعني التحرش ببلد آمن ومسالم يعيش أهله بكافة طوائفهم ومذاهبهم، إخوة متحابين منذ أن تأسست لحمتها الأولى، وزاد ذلك التآخي والتآزر مع مرور الوقت، وقويت شوكته نتيجة الأحداث الدامية التي ألمت بها في الثاني من أغسطس 1990، غير زرع الشقاق فيما بينهم وإدخالهم في نفق الطائفية والمذهبية المظلم، الذي لا خلاص منه سوى الدمار الكامل لبنية الدولة والمجتمع وتشرذم المواطنين.

هذا التكتيك الإيراني لدول الخليج العربي وللدول العربية الأخرى يبدو بأنه ناجح حتى الآن، فقد تم التمكن من العراق وسوريا، والمحاولات جارية لإنجاحه في اليمن والبحرين، والآن جاء دور الكويت، هذا هو التفسير لخلية العبدلي وما شابهها من مخططات ظلامية في بلاد العرب الأخرى، والهدف الاستراتيجي من ذلك هو تصدير الثورة الخمينية إلى دول الجوار الإيراني بهذه الطرق والوسائل المبتكرة حديثاً، بعد أن فشلت محاولات تصديرها التي جرت في السابق عن طريق استعطاف مشاعر شعوب دول الخليج العربي العربية من خلال الشعارات الجوفاء والأطروحات التي ليس فيها سوى الزبد وكل ما هو غث وبغيض، ولم يحصد منه الشعب الإيراني ذاته سوى الويلات، وسنوات طويلة عجاف من الفقر والجهل والتخلف، وغياب التنمية ودمار بنية البلاد التحتية والبشرية والمؤسسية، وعدّد ولا حرج.

وللتذكير فقط، فإن الممارسات الإيرانية السلبية تجاهنا نحن عرب الخليج والجزيرة العربية وامتداداتها لم تتوقف منذ وصول الطغمة الحاكمة الحالية في إيران إلى السلطة عام 1979، وهي لن تتوقف، فهي منذ الأيام الأولى رفعت شعاراتها الهادفة إلى الرغبة في تصدير تجربتها الثورية إلى جيرانها العرب، وصرحت بذلك علانية، وجهاراً نهاراً، على ألسنة كبار قادتها ومسؤوليها. وعملت على تحقيق تلك الرغبة والشعارات سراً وعلانية، وآخر إبداعاتها في الإساءة إلى عرب الخليج العربي عن طريق العنف والإرهاب هي «خلية العبدلي». ولاشك بأن مثل هذه الممارسات الخاطئة تولد في نفوسنا كعرب، حكومات وشعوباً، هواجس أمنية خطيرة، وتولد في أوساط أهل المنطقة جميعاً، بما في ذلك الإيرانيون ذاتهم عداء ستكون له تداعيات جمة ستتجلى في صور ذهنية نمطية، ورموز معنوية ستجعل منه متحكماً في النفوس ومتأصلاً فيها، يزيد على ما في النفوس أصلاً من تراكمات ولدتها العديد من الممارسات الخاطئة التي جرت على يد إيران في الكويت والبحرين والمملكة العربية السعودية واليمن وغيرها من بلاد العرب التي لم تسلم من اليد الإيرانية، وربما أن ما هو خافٍ أشد وأسوأ.