فواز بن حمد الفواز

لا أريد أن أتقدم بتطمين زائف ولا أريد أن أخيف أحدا ولذلك لابد من قراءة موضوعية. هناك تقدم و كسر للحواجز الاقتصادية في صناعة واستخدام السيارات الكهربائية على خلفية حقيقة اقتصادية أنه حين تصل مستوى معينا من العدد والقبول تكون جاهزا لمتوالية رياضيه تقفز بالعدد إلى أرقام كبيرة معلنة عن توجه لاستبدال كامل للسيارات التي تعتمد على الاحتراق الداخلي - الوقود اليهدروكربوني.

ولكن حين نرفع "الكبوت" غطاء المحرك هناك تفاصيل اقتصادية أكثر تعقيدا. العامل الاقتصادي الرئيس في تزايد السيارات الكهربائية هو الدعم الحكومي أولا، وثانيا التوجس من الانبعاثات الحرارية لدى بعض الفئات المتمكنة ماليا، ولكن أيضا هناك تغيرات اقتصادية في الأفق لا يمكن إهمالها.


طبقا لـ «بلومبيرج» فقد نقصت تكلفة البطارية الكهربائية من ألف دولار للكيلو واط/ ساعة (ك. و.س) في عام 2000 إلى 273 دولارا في 2016. فبطارية بسعة 75 ك. و.س. تكفي 400 كيلو تضيف نحو 20 ألف دولار لتكلفة السيارة. ولكن الحكومة الأمريكية تدعم صناع السيارات بـ 7500 دولار كمبلغ دون ضرائب، كما أن هناك دعما مشابها من ضرائب الولاية ودعم لتأسيس البنية التحتية والتخفيف من استخدام الوقود وطرق مفضلة أسرع حتى مواقف ميسرة لدعم «الكهربائية». المحصلة أن هناك دعما مؤثرا لجعل السيارات أكثر جاذبية ولذلك تجد أنه حين توقف الدعم في هونج كونج توقف بيعها وحصل الشيء نفسه في جورجيا. مثال آخر في السيارات الهجينة بين الوقود والكهرباء فبعد التوقف عن الدعم الضريبي انخفضت الحصة من 3.1 في المائة إلى 2.1 في المائة، ساعد على ذلك انخفاض أسعار النفط.
تتوقع «بلومبيرج» أن تصبح السيارات الكهربائية منافسة اقتصاديا دون دعم بعد ثماني سنوات. ولكن هذه التوقعات لا تخضع فقط لتكلفة البطاريات ولكن أيضا لأسعار الوقود والتحسن في فعاليات سيارات الاحتراق الداخلي فهذه تتحسن بنحو 2 في المائة سنويا. كما أن الحالة النفطية نظرا للتقدم التقني/الاقتصادي توحي بتوافر النفط والغاز بكميات كبيرة أكثر مما كان يتوقع حتى أفضل المحللين قبل عدة سنوات. تقدر دراسة قام بها كرس نتل ونشرت في صحيفة "آفاق اقتصادية" أن تكلفة البترول لابد أن تصبح 300 دولار للبرميل لكي تصبح تكلفة البطارية (273 ك. و.س) منافسة، وإذا انخفضت التكلفة إلى 100 دولار لكل ك. و.س فإنها تصبح منافسة إذا كان سعر النفط 90 دولارا. في دراسة أخرى لأحد الاستشاريين تذكر أنه إذا استمرت تكلفة البطاريات في الانخفاض 10 في المائة سنويا وأسعار الوقود خمسة دولارات للجالون فإن السيارات الكهربائية تصبح منافسة بعد خمس سنوات، بينما لو كانت نسبة الانخفاض 5 في المائة فإنها تصبح منافسة بعد 20 سنة.
ولكن العوامل البيئية تضيف تعقيدا آخر فهي ليست مختلفة من بلد إلى آخر لأسباب اقتصادية وتشريعية فحسب، ولكن لأسباب فنية أيضا. فمثلا يشحن ملاك السيارات الكهربائية سياراتهم غالبا في المساء حين يكون الفحم مستخدما لتوليد الكهرباء ما يزيد من الانبعاثات الكربونية خاصة في شرق أمريكا. كما أن دعم السيارات بغرض تحفيز تقليل الانبعاثات يزيد من مبيعات السيارات التقليدية أيضا ولذلك يدعو بعض الاقتصاديين في أمريكا إلى طرق ضريبية أخرى تركز على الانبعاثات وليس على الوقود أو السيارات. لذلك هناك من التعقيدات واحتمال تغيير في الأنظمة والضرائب ما يجعل التوقعات صعبة جدا. ولكن هذا لا يعفينا من التوجس والمتابعة، والأهم تغيير السياسات الاقتصادية جذريا استعدادا لمرحلة جديدة.
يقال إن يماني وزير النفط السابق ذكر أن العصر الحجري لم ينته بسبب انتهاء الحجر ولكن لأسباب اقتصادية وفنية، و نحن نشهد استمرار استخدام الفحم، فقد أوردت وكالة المعلومات الأمريكية أن صادرات أمريكا من الفحم زادت في النصف الأول من عام 2017 ولكن اقتصاديات الفحم تغيرت، واليوم نشهد استمرار النمو في الطلب على النفط ولكن حصته من الطاقة في تناقص وتكلفة البديل في انخفاض ما سيؤثر في قيمته الاقتصادية. حان الوقت للتحرك سريعا على أكثر من صعيد بشري واقتصادي.