محمد الحمادي

 عندما ‏قلنا إن قطر تسيء لدولة الإمارات اعتبر البعض أن في هذا الكلام الكثير من المبالغة، حينها تركناهم لأننا نعرف أن الأيام ستكشف كل شيء، وبالفعل كثير من الأمور انكشف خلال الأسابيع الماضية منذ بداية مقاطعة قطر، ويوم الاثنين الماضي اكتشف‏ عدد أكبر من الناس، وخصوصاً المحايدين منهم أن قطر كانت تعمل بشكل خفي ضد الإمارات وتعتمد التقية في مواقفها، أما الآن ومن خلال الحلقة المفبركة من برنامج «للقصة بقية»، والذي كان بعنوان «إمارات الخوف» الذي كان ركيكاً ركاكة أي برنامج مفبرك تبثه ‏قناة الجزيرة، فقد أصبح واضحاً للجميع ماذا تُكِنّ قطر لدولة الإمارات، فقد حاولت قناة الجزيرة بكل ما تملك من تقنيات فيلمية ورقمية أن تعرض لمشاهديها فيلم رعب عن دولة الإمارات، لكنها فشلت.

وما شاهدناه وما سمعناه خلال البرنامج لم يكن مفاجئاً بالنسبة لنا، ولغيرنا ممن يعتبرون أنفسهم محايدين، بل وحتى من القطريين، وأعتقد أن البرنامج كان مقززاً بسبب كثرة التلفيق والمعلومات غير الصحيحة وغير الدقيقة التي احتوتها الحلقة.

وبإنتاج وعرض قناة الجزيرة مثل هذه البرنامج، تؤكد أنها مستمرة في دورها، وعلى منهجها في تحريف الحقائق، وتزييف الوقائع، والإصرار على خداع الشارع العربي من خلال برامجها الموجهة، والتي تفتقر إلى أدنى معايير المهنية والأخلاقية.

‏فمن حق جمهور أي قناة تلفزيونية أن تقول له القناة الحقيقة وألا تتعمد نشر الأكاذيب والفبركات، ولكن نقولها وللمرة الألف: للأسف إن هذا ما فعلته، وما تفعله الجزيرة دائماً وأبداً، ‏ويبدو أنها لا تستطيع أن تستمر من دون ذلك!

أشفقتُ على مقدمة البرنامج، فقد كان موقفها صعباً، وهي تبحث عن الأسئلة والأجوبة التي تسيء فيها للإمارات بأي شكل، فلا تجد شيئاً، لا لدى ضيفها في الاستديو، ولا من ضيفها الهارب في اسطنبول، ومحزن فعلاً حال البعض.

‏أما المغالطات التي ذكرها البرنامج، فهي كثيرة جداً، نذكر بعضها على سبيل المثال وليس الحصر، واللافت أن البرنامج بدأ بحديث لسيدة تعترف بأنها لم تزر دولة الإمارات في حياتها، لكنها رغم ذلك قبلت بأن تتكلم عن حقوق الإنسان ‏وتتهم الإمارات بأنها تمتلك وجهين.. إنها المحامية سو ويلمان.

ثم يتكلم الإخونجي الهارب جاسم الشامسي الذي تطلق عليه الجزيرة «معارض إماراتي» مدعياً أن المسجونين الـ 94 متهمون في قضية حرية رأي لأنهم قدموا عريضة لرئيس الدولة كانت حول توسيع هامش الحرية وتعديل الدستور والمطالبة بانتخابات مفتوحة للمجلس الوطني الاتحادي، وبهذا الكلام يكذب جاسم الشامسي، فالكل يعرف أن المتهمين حوكموا بتهمة الانضمام إلى تنظيم سري، والعمل على قلب نظام الحكم، وكل الأدلة على إدانتهم تم عرضها في الإعلام المكتوب والمرئي وشاهدها الجميع.

‏وتكلم البرنامج كثيراً عن حقوق الإنسان في الإمارات، ويرى جاسم الشامسي أن حقوق الإنسان بدأت تنتهك من عام 1992 ربما في ذلك العام استبعد أحد «إخوانه» من منصبه، وبالتالي هو يرى أن أي مساس بحقوق «الإخوان» هو مساس بحقوق الإنسان!.

تكلم البرنامج عن التجسس على المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات.. فقط نذكّر من شاهد هذا البرنامج وسمع هذا الكلام أن عدد من يعيشون في الإمارات تقريباً عشرة ملايين إنسان تسعة ملايين منهم تقريباً غير إماراتيين وهم من أكثر من 200 جنسية، وهم يعيشون في الإمارات واختاروها من بين دول العالم الشرقية والغربية، فهل يقبلون التجسس الذي تتكلم عنه الجزيرة؟!

يقول الوثائقي إن من أسقطت جنسياتهم من المتهمين كان ذلك بسبب ممارستهم حرية الرأي .. وهذا كذب، فأولئك أشخاص متهمون بقضايا تمس أمن واستقرار الدولة.

وتكلم الوثائقي عن سجون سرية وتعذيب واعتقالات قسرية، كلام كثير عن السجون السرية داخل الدولة رغم أن الوثائقي ذكر أسماء السجون في الإمارات وعرض مواقعها على الخريطة!

لم يكتف جاسم الشامسي بسرد الأكاذيب، بل حاول الإمعان في تشويه صورة الإمارات والإماراتيين ليقول «إن الإمارات سجن كبير».. ونقول له ولكل «إخوانه» فعلاً هي سجن كبير لكل إخونجي وخائن وعميل، أما للشرفاء والمخلصين، فهي الجنة التي لا تقدر بثمن ولا تقارن بأي دولة، وسيبقى «البيت متوحد» في الإمارات وسيبقى الشعب شامخاً خلف قيادته وستستمر القيادة في العمل من أجل سعادة شعبها.. أما من خان وطنه وباع ضميره، فسيعيش تائها مشرداً يستجدي من هذا وذاك، وهو الذليل طول الدهر.

ستبقى الإمارات كالجبل الراسخ لن يهزها شيء، فقد واجهت تحديات حقيقية وتجاوزتها، ونالت احترام العالم على مواقفها وإنجازاتها، وواجهت فبركات كثيرة قبل هذا، وواصلت التقدم، وربما هذا ما يزعج البعض، ومثل هذه المحاولات الصبيانية الفاشلة لتشويه صورة الإمارات تؤكد أنها في المقدمة وصدق من قال «إذا ركلك الناس من الخلف فاعلم أنك في المقدمة».