بولا أسطيح

لا يزال الجيش اللبناني بانتظار حسم ملف مسلحي «سرايا أهل الشام» الذين يوجدون في جرود عرسال، عند الحدود اللبنانية الشرقية، لإطلاق معركته بوجه تنظيم داعش الذي يتمركز عناصره في جرود رأس بعلبك والقاع. وتشير المعلومات، التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر مواكبة للمفاوضات الحاصلة بين المسلحين السوريين و«حزب الله»، إلى أن هناك «مهلة غير رسمية تنتهي نهاية الأسبوع الحالي لحل هذا الملف، لاستعجال الجيش اللبناني في إتمام الاستعدادات النهائية للمعركة بوجه (داعش)».

وتوضح المصادر أن النظام السوري قد رفض توجه عناصر «سرايا أهل الشام» إلى بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي، كما كان ينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين التنظيم و«حزب الله» بعيد انطلاق معركة جرود عرسال، التي انتهت إلى خروج عناصر «جبهة النصرة» إلى الشمال السوري، لافتة إلى أن «التسوية المتداولة حالياً تقول بحل تنظيم (سرايا أهل الشام) نفسه، وإلقاء عناصره سلاحهم ليتحولوا إلى مدنيين يقررون عندها البقاء في المخيمات في عرسال أو التوجه إلى الداخل السوري»، وتضيف المصادر: «حتى الساعة، لا قرار نهائي في هذا المجال، لكن الأمور ليست صعبة وقابلة للحل، خصوصاً في ظل إصرار الجيش اللبناني على الدخول إلى المنطقة التي لا يزال المسلحون السوريون ينتشرون فيها، وبالتحديد في وادي حميد ومدينة الملاهي، كي يحمي ظهره في المعركة التي يستعد لها بوجه (داعش)».

كان الاتفاق بين «حزب الله» و«سرايا أهل الشام» يقضي بخروج 3 آلاف مدني، ونحو 300 مسلح إلى بلدة الرحيبة، إلا أن رفض النظام السوري لهذه التسوية حال دون تنفيذها، ودفع للبحث عن مخارج أخرى، كترحيلهم إلى ريف حمص الشمالي، أو حتى إلى جرابلس. وتعددت الروايات والمعلومات، يوم أمس، عن آخر المستجدات في هذا الملف. ففيما تحدث رئيس بلدية عرسال، باسل الحجيري، عن 72 ساعة، تنتهي صباح اليوم (الجمعة)، لخروج المسلحين باتجاه الأراضي السورية، أكد ناشطون سوريون مواكبون للمفاوضات أن ما يؤخر عملية الخروج هو عدم حسم المسلحين أمرهم فيما يتعلق بوجهتهم. وفي هذا الإطار، قال خالد رعد، رئيس لجنة القصير المؤقتة، إن هناك أكثر من احتمال فيما يتعلق بوجهة المسلحين، فإما الرحيبة أو ريف حمص الشمالي أو جرابلس، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه من المفترض أن يحسم عناصر «سرايا أهل الشام» أمرهم خلال ساعات، على أن يخرجوا من المنطقة كحد أقصى خلال يومين أو ثلاثة. وأوضح رعد أن «المسلحين، كما المدنيين، لا يرحبون بفكرة الانتقال إلى الرحيبة، باعتبار أن الوضع فيها غير مستقر»، لافتاً إلى أن «(حزب الله) يبدي مرونة بموضوع الوجهة التي سيقررها المسلحون، إصراراً منه على أن يتم الأمر سريعاً تمهيداً لدخول الجيش اللبناني إلى وادي حميد، في استعداد لمعركته بوجه (داعش)»، وأضاف: «إذا كان هناك مجال لانتقالهم إلى جرابلس، فإن عدد المدنيين الراغبين بالمغادرة قد يرتفع من 3 إلى 5 آلاف، بينهم سوريون من القصير، خصوصاً أن الكثيرين ندموا لعدم انتقالهم مع (النصرة) إلى إدلب، باعتبار أنّهم كانوا يتخوفون على مصيرهم على الطريق في غياب الضمانات».

ورجّح رئيس بلدية عرسال، باسل الحجيري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يشجع خروج عناصر «سرايا أهل الشام» عدداً أكبر من النازحين السوريين على العودة إلى بلادهم، مؤكداً أنّه «مع خروج (السرايا) لن يبقى هناك وجود لأي مقاتل أو عنصر مسلح في عرسال، مما سيجعلها من أكثر المناطق اللبنانية أماناً».

ومن جهتها، أوضحت ريما كرنبي، نائبة رئيس البلدية، أنّها خلال الزيارة التي قامت بها ووفد من عرسال لرئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله»، محمد يزبك، تمنت عليه أن يتوسط الحزب لعودة عناصر «سرايا أهل الشام» إلى قراهم، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحزب «أبدى إيجابية في هذا المجال، وأكد أنّه سيبحث الموضوع مع النظام السوري»، وأضافت: «ولكن لا شك أن هذه العودة ستكون مشروطة».

وبانتظار إغلاق ملف «سرايا أهل الشام» في جرود عرسال لإطلاق المعركة في جرود رأس بعلبك والقاع، واصل الجيش اللبناني عملياته العسكرية في المنطقة، معلناً استهدف وحداته يوم أمس بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والطوافات «عدداً من مراكز الإرهابيين وتجمعاتهم في جرود منطقة رأس بعلبك والقاع، محققة إصابات مباشرة في صفوفهم».

ومن جهته، أكد المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، أن «ما حققه الأمن الاستباقي كان ثمرة حسن استخدام الصلاحيات ومضمون بنك المعلومات، عدا عن التعاون مع الأجهزة الدولية الصديقة التي وجدت نفسها مضطرة لدعم لبنان، باعتباره خط الدفاع الأول عنها في المواجهة مع الإرهاب».

ولفت في حديث مفصّل لمجلة «الأمن العام»، بمناسبة الذكرى الثانية والسبعين لتأسيس المديرية العامة للأمن العام، إلى أن «لبنان لم يتعاطَ يوماً مع النازحين السوريين كإرهابيين، وأن عودتهم إلى بلادهم توفر الكثير من المخاطر السلبية»، مشدداً على «أهمية الحوار مع السلطات السورية».

وفيما لم يستبعد «احتمال استمرار وجود شبكات تخريبية في لبنان»، أشار إبراهيم إلى أن «قدراتها شبه معطلة».