سمير عطا الله 

ينسب إلى جاكلين كيندي القول إن «على المرأة أن تتزوج ثلاث مرات: الأولى من أجل الحب. والثانية من أجل المال. والثالثة من أجل الرفقة». وكان زوجها الأول، جون كيندي، مالاً وجاهاً وخالياً من «الرفقة» أو «العِشرة». وزوجها الثاني، اليوناني أوناسيس، كان مالاً كثيراً وعِشرة سيئة. ولم تتزوج من الثالث، الذي ظل عشيرها وزميلها في دار النشر «دبلداي»، لا مال ولا جاه، وإنما رفقة بعيدة عن جميع الأضواء.


في زمنها، لم تلاحق الأضواء امرأة كما لاحقت جاكلين كيندي أوناسيس. أولاً، كزوجة للرئيس. ومن ثم، كزوجة يهوي الرئيس بين ذراعيها مصاباً برأسه في أحد أشهر الاغتيالات السياسية في التاريخ. ومن ثم، كأرملة لا تريد سوى العزلة مع ابنتها وابنها. ثم كأرملة تقرر الزواج من ثري يوناني تحوطه الشائعات والشبهات وسمعة الصفقة.
في كتاب جديد بعنوان «ماذا علّمتنا جاكي» تقول المؤلفة، إنه على أثر اغتيال روبرت كيندي بعد جون، تكونت لديها قناعة بأن جميع أفراد آل كيندي سوف يُغتالون. وأوناسيس كان يملك جزيرة معزولة يقوم على الحماية فيها 75 رجل أمن. وأشك أن يكون هذا المبرر كافياً. الأرجح أن «حكمة» الزواج الثاني كانت من أجل المال.
لكن حتى هذه اللحظة لا تزال جاكلين بوفييه، الفرنسية الأصل، «أهم» سيدة أولى في تاريخ البيت الأبيض. شابة حسناء، فائقة الأناقة، تخلف «عصر الجدّات» مثل ميمي أيزنهاور وإليانور روزفلت. وسيدة مثقفة قيل بعد وفاتها إنها لم تُشاهَد لحظة وليس في يديها كتاب. وقالت الروائية الآيرلندية إدنا أوبراين في مذكراتها «بنات الريف» إنها كانت واحدة من ثلاثة أصدقاء في حياة جاكي، وكانت تقول لها دائماً: «إذا حدث وأحببنا الرجل نفسه فسوف أنسحب من أجلك». وتعلق أوبراين: «لا أعتقد أنها كانت ستفعل ذلك».
لعل أكثر الكلمات تأثراً وتأثيراً مما قيل فيها، الرثاء الذي ألقاه صهرها الآخر (1994) إدوارد كيندي في جنازتها: «لقد كانت نعمة لنا وللأمة، وكانت درساً للعالم في الحرص على صحيح الأشياء والتعلم من التاريخ والتحلي بالشجاعة في كل الظروف. ما من أحد كان يشبهها، ما من أحد كان يتحدث مثلها، أو يكتب مثلها، أو صادقاً مثلها فيما يفعل. لا أحد ممن عرفنا كان يدرك مثلها قيمة الذات».
وقال: «خلال تلك الأيام الأربعة التي لا نهاية لها (بعد الاغتيال) عام 1963، جمعتنا معاً، عائلة وأمة. وفي معيتها، استطعنا أن نتحمل الحزن ونمضي إلى الأمام. وفي ساعات الشك والظلام، أعادت إلى مواطنيها كبرياءهم كأميركيين. كانت في الرابعة والثلاثين».