خالد أحمد الطراح

الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا لا يمكن أن توفيه حقه سطور وصفحات، فقد حفلت مسيرته منذ أن كان شاباً وحتى آخر عمل تلفزيوني في شهر رمضان الماضي، بسلسلة أعمال نافس بعضها بعضا من حيث الأداء والمضمون والنجاح.

الفنان الراحل عبدالحسين كان رمزا للفن المسرحي والتلفزيوني، وعملاقا في أدائه وإنجازاته التي لا تحصى، فحتى الأحاديث الصحافية والتلفزيونية كانت تحمل لنا في الكويت والوطن العربي الابتسامة، ورسائل تعكس قناعته وآماله وتطلعاته، ليست الفنية فقط، وإنما أيضا السياسية والاجتماعية والثقافية.
قضى عملاق الفن منذ مطلع الستينات حياته بين التلفزيون والإذاعة والمسرح، مبدعا في كل أعماله الفنية، وله، أيضا، أعمال سياسية المضمون بعد التحرير، لا سيما مسرحية «سيف العرب»، التي جسد فيها بشكل ساخر مؤامرة الغدر التي اغتالت الكويت، وطنا وشعبا، على يد طاغية بغداد المقبور صدام حسين.
كانت له مواقف وطنية ونبيلة أيضا خلال محنة الغزو، وروى روايات عن مشاهداته وآلامه أثناء صموده خلال شهور الغزو، لم ترعبه جيوش طاغية العراق، ولم تشل حركته أيضا، فقد مارس حياته ببطولة وشموخ كمواطن كويتي، وتقاسم الحزن مع جميع فئات وأفراد المجتمع الكويتي، سواء القريب منه أو حتى البعيد.
الفنان الراحل له إسهامات فنية ثرية وعميقة جدا، حاول من خلالها معالجة ظواهر وظروف اجتماعية وسياسية سلبية في الكويت والوطن العربي ككل، فأعماله ركزت على التسامح والوحدة الوطنية وتصدى بشكل ساخر ومباشر لقرارات حكومية لم تكن بمصلحة الوطن، الكويت.
عملاق الفن الراحل تميز بجرأة بناءة وعفوية بريئة، تجسدت في كل المناسبات، ولعل آخرها المشهد الذي جمعه مع رفيق الدرب الفنان القدير سعد الفرج أثناء افتتاح دار الأوبرا، مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، حين تناول بشكل ساخر وعميق، أيضا، ظواهر اجتماعية وسياسية غير صحية، خصوصا في ما يتعلق «بالرأي والرأي الآخر وصدام الانتخابات»، وأعاد إلى الأذهان مقطعا قديما لمسلسل «درب الزلق»، وعن تعرضه «للعقوبة بالضرب بالخيازرين (جمع خيزران بالعامية)».
الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا مارس حياته بشكل طبيعي، كما يظهر على منصة المسرح والتلفزيون، ويتحدث بنفس اللغة والنهج خلال المجالس العامة. وعلى الرغم من أنه لم يصنف على أنه شخصية سياسية، فإنه لم يكن بعيدا عن الساحة السياسية قلبا وعقلا.
من شديد الألم أن يتصدر «تويتر» بنفس يوم وفاة الفنان الراحل رأيا ناشزا وقبيحا لمن ادعى أنه «شيخ دين ويحمل درجة الدكتوراه»، بأنه «لا يجوز الدعاء لعبدالحسين عبدالرضا»، بينما نسيج المجتمع الكويتي هو نسيج واحد لا يميز بين مواطن وآخر، سواء بمذهبه أو أصله.
الحمد لله أن الأعمال الفنية لعملاق الفن تصدت للفتن، ودعت إلى التسامح، وستظل إرثا تتغنى فيه أجيال اليوم والغد.
رحل الفنان عبدالحسين عبدالرضا عن الدنيا، وندعو له بالرحمة والمغفرة، وستظل أعماله التاريخية خالدة في ذاكرة الكويت والوطن العربي.
خالص العزاء لأسرة فقيد الكويت والشعب الكويتي وشعوب الخليج جمعاء، وأن يلهم الجميع الصبر والسلوان.