رجا ساير المطيري

لا يمكن تصنيف فنان بحجم حسين عبدالرضا ضمن قوائم التصنيف الاعتيادية، فهذا الفنان استثناء في كل تفاصيله الفنية والشخصية، وجزء لا يتجزأ من ذاكرة الخليج العربي إلى الحد الذي لا يمكن لأي مؤرخ للمنطقة أن يتجاهل دوره في تشكيل وعي وذائقة الخليجيين بشكل عام وليس الكويتيين فقط. أعماله جسدت نبض المجتمع الخليجي ووثقت تطور وعيه الذاتي والاجتماعي والثقافي ورصدت أهم التحوّلات خلال الخمسين سنة الأخيرة من عمر المنطقة.

في مسلسل "درب الزلق" وثّق الطفرة الاقتصادية الأولى التي اجتاحت الخليج بعد النفط، وفي مسرحية "فرسان المناخ" رصد بحسّه الفني التداعيات الاجتماعية للأزمات الاقتصادية، ثم انتبه لموجة السياح العرب في عاصمة الضباب وسجّل سلبياتها في مسرحيته الشهيرة "باي باي لندن"، قبل أن يوثق موقف الكويتيين من غزو العراق للكويت في مسرحيته "سيف العرب".

حسين عبدالرضا لم يكن فناناً يقدم أعماله لمجرد التسلية، رغم أهمية هذا الهدف بالطبع، إلا أنه قرن ذلك بوعيه وإدراكه لمسؤولية الفنان تجاه مجتمعه، فظهرت مسلسلاته ومسرحياته بذلك العمق الفريد والبساطة المستحيلة التي لا يجيدها إلا هو، والتي أعجبت الجمهور واُفتتن بها دون أن يقدر على تفكيكها وتفسيرها. تلك البساطة التي في "درب الزلق" أو السهولة السردية في "بني صامت" و"سوق المقاصيص" مزايا فنية عصية على أي فنان غير حسين عبدالرضا.

مسيرة هذا الفنان الرمز والأسطورة ليست مسيرة لفنان فردي يقدم أعماله بصفته الشخصية، بل هي مسيرة وعي الخليج كله، ووثيقة مهمة في سجلات تاريخ المنطقة. إنه "ذاكرة" الخليج بلا جدال، وبدون أعماله لا يمكن فهم الشخصية الخليجية ولا رصد تحولاتها الفكرية والاجتماعية في الخمسة عقود الماضية.