خالد أحمد الطراح

في مطلع التسعينات، وفي خضم عمل الهيئة العامة للاستثمار في مباشرة بيع مساهماتها في بعض الشركات تحت إشراف مباشر ومتابعة حثيثة من الأخ العزيز علي الرشيد البدر، العضو المنتدب وقائد أوركسترا التخصيص، نشرت إحدى الصحف اليومية خبراً عن اهتمام فني لعملاق الفن الراحل عبد الحسين عبد الرضا (بوعدنان) بمشروع التخصيص، أو الخصخصة كما هو شائع في تلك المرحلة.
لم تكن الجوانب الاقتصادية تشكل أي عائق أمام تنفيذ بيع مساهمات الدولة الاستثمارية بشكلٍ شفاف ودقيق وعبر المزاد العلني بسوق الكويت للأوراق المالية (البورصة) خلال عهد الأخ العزيز المرحوم بإذن الله هشام العتيبي، المدير العام الأسبق، الذي لعب أيضاً دوراً متناغماً مع الأخ علي (أبورشيد) في إضفاء الشفافية والحيادية الكاملة على مزادات بيع مساهمات الدولة الاستثمارية، لكن كان هناك جانب إعلامي مهم في إيصال رسالة الأهداف المنشودة من عمليات التخصيص والمردود الاقتصادي على الدولة إلى الرأي العام، لذلك أولى أبورشيد تركيزه على هذا الجانب من خلال عقد اللقاءات والمؤتمرات الصحافية والتلفزيونية، وهو أمر استوجبته ظروف خلق تفهم وتفاعل شعبي إيجابي من خلال حملات إعلامية منظمة.
حين نُشر الخبر عن رغبة الفنان الراحل أبوعدنان، رحمة الله عليه، في تقصي المعلومات عن التخصيص من نواحٍ فنية طبعاً، تبادلت الرأي مع الأخ علي الرشيد البدر، بصفتي مديرًا للإعلام آنذاك، بشأن التعاون مع عملاق الفن وتزويده السياسات المتبعة والإجراءات والأهداف والتطلعات المنشودة من سياسة التخصيص، وقد كان لأبو رشيد قرار مؤيد بصلاحيات مفتوحة حرصاً على خروج عمل فني متكامل بقيادة عملاق الفن الكويتي والعربي الراحل عبد الحسين عبد الرضا عن التخصيص.
في اليوم التالي اتصلت بفنان العرب الراحل أبو عدنان وأبلغته بسبب الاتصال ورغبتي في اللقاء معه بخصوص ما نُشر عن اهتمامه بـ«الخصخصة»، والتقينا في مساء يوم آخر وطلب أن يستمع لي أولاً عن الخصخصة، وبعد حديث مطول وعرض لبعض البيانات والدراسات حول سياسات التخصيص والأهداف المرجوة، علق المرحوم بو عدنان بالتأكيد على اهتمامه بالموضوع، مبدياً تحفظاً بشأن طبيعة المضمون، كونه اقتصادياً بحتاً ومعقداً إلى حد ما، الأمر الذي يستدعي وجود كاتب لسيناريو قادر على وضع الموضوع في قالب دراما وكوميديا جاذب، وكان رأيه حكيماً يعكس حرصه على كيفية نقل فكرة الخصخصة إلى الشارع بقالب مسرحي ممتع ومبسط.
الحديث مع عملاق الفن أبو عدنان كان شيقاً للغاية، لم يسلم من بعض التعليقات والقفشات التي أجدها حاضرة أمامي بكل تفاصيلها، خصوصاً في ما يتعلق بالتحول في بيع مساهمات الدولة إلى القطاع الخاص، حيث استفسر مبتسماً كعادته وبعفوية: هل ممكن تغيير مصطلح الخصخصة إلى مصطلح آخر تسهيلاً على الناس؟
سيف الفن عبد الحسن عبد الرضا عاش إنساناً وفناناً في آن واحد كما هو على المسرح ومسرح الحياة أيضاً، تركزت اهتماماته على كل التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي شهدتها الكويت منذ بدء حياته الفنية الحافلة بنجاحات لا تحصى!
للأسف لم يتمكن الفنان الراحل أبو عدنان من إنجاز عمل فني على هذا المستوى لأسباب فنية، أو بالأحرى نصية، لكن اللقاء قاد إلى علاقة صداقة بيننا داخل الكويت وخارجها، خصوصاً عاصمة الضباب، لندن، التي كان يتردد عليها بشكل مستمر، وشاء القدر أن يتوفاه الله في المدينة نفسها.
* * *
خالص الشكر والود للأخ الفاضل الشيخ فيصل الحمود المالك الصباح محافظة الفروانية على اتصاله الهاتفي وتفاعله السريع ورحابة الصدر باسمه وبالنيابة عن زملائه الإخوة المحافظين على مقالي «التجديد والتغيير في المحافظات».
تمنياتي بالتوفيق للجميع في تحقيق الأهداف المنشودة.