بينة الملحم

لَعَلَّ أكثر ما يستوقف المختصين والباحثين عن تشخيص إشكالية خطاب الكراهية في المجتمع هو من خلال بعض ردود الفعل حيال خطوة وزارة الثقافة والإعلام بإحالة المدعو علي الربيعي للجنة مخالفات النشر وازدواجية هذا الخطاب الذي ساهمت التغذية الطائفية فيه وتمكّنت إلى حد ما من صرف نظر البعض عن النظر لإشكالية خطاب التطرّف عموماً وآثاره السلبية على تماسك الوطن ووحدة مكوناته وعيشها المشترك تحت سماء جامعة واحدة إلى تصفية حسابات بين أطراف من تلك المكونات حد الاصطدام والعداء ومحاولات نفي وإلغاء الآخر.

حينما نتحدث عن قضية عالمية كقضية خطاب التطرّف والإرهاب فإننا لسنا بحاجة للتذكير ببعض البدهيات؛ أن التطرّف لا مذهب ولا طائفة له، بل له أيديولوجيا واحدة ومنظومة فكرية متشابهة ومتشابكة. وعلى مدى سنواتٍ من الكتابة والبحث والتحليل كتبت عشرات المقالات والبحوث وأجريت من الدراسات التي انتقدت فيها التطرف السني وكذلك تناولت وانتقدت التطرّف الشيعي من منطلق الرؤية الفكرية الدقيقة لمعنى التطرف تدلنا على أن ثقافة الاستئصال هي الداء الرئيسي وهي موجودة لدى المتطرفين والإرهابيين جميعاً.

الطائفية خراب ودمار، والمتأمل في بعض أحوال دول المنطقة وكيف تعيش فوق صفيحٍ من الغليان يعود السبب الأوّل فيه والأساس إلى تحول الطائفية لهواء تتنفسه بعض المجتمعات مما يجعلنا نتساءل ما المغزى من محاولة البعض لتحويل بعض المواقف والأحداث لموضوع نقاش طائفي!

إنّ الأمن الفكري الوطني؛ قوامه البعد عن التطرف بالرأي والحرص على تغليب مصلحة الوطن على مكاسب الأيديولوجيا، والتخلّص من الظنّ بأنّ نقد التطرف هو نقد للدين، بينما نقد التطرف يعني حراسة الوطن.