فاصلة:

(من المهم أن يكون الفنان إنسانًا قبل أن يكون فنانًا)

(النحات الفرنسي أوغوست رودان)

رحم الله الفنان الإنسان عبدالحسين عبد الرضا. التغطية الإعلامية التي قدمتها الفضائيات الكويتية وجهت رسائل مهمة لمن يعمل في أروقة الإعلام للتعرف على الدور الحقيقي للفنان في مجتمعه.

لا يمكن لهذه الصدمة الكبرى التي تواصلت آثارها من الكويت إلى أنحاء العالم العربي، ولا يمكن لهذا الحزن الذي اكتسى قلوب الجماهير على اختلاف الأجيال على فراق الراحل «عبد الحسين عبد الرضا» أن يكون إلا لفنان استطاع أن يقدم الرسالة الحقيقية للفن.

العملاق «عبد الحسين عبد الرضا» طوال تاريخه الفني كان يدعم الشباب، وكثيرًا ما ردد الفنانون الشباب أنه يعتبرهم مثل أبنائه، وكان يتحدث بامتنان عن وطنه، ينتقد سلبيات المجتمع فقط من خلال أعماله الفنية، ولا يستغل شهرته لينشر الإحباط في المجتمع مثلما يفعل بعض المنتسبين للإعلام؛ إذ إن هناك شعرة رقيقة بين أن تكون صوت الناس أو تكون سوطهم.

الفنان «عبد الحسين عبد الرضا» لم يسئ إلى زملائه طوال فترة عمله، وهذه نقطة مهمة يجهلها بعض المشاهير، ويتورطون في تصريحات تسيء إلى زملائهم في المجال نفسه. وهذه من سلبيات الشهرة؛ إذ يبالغ الإعلام في تضخيم مواقف المشاهير داخل أروقة مهنتهم بينما في كل مهنة توجد المواقف الصعبة، وتتم معالجتها إلا في الإعلام؛ إذ يمكن أن يتحول موقف بسيط إلى دائرة من الترهات، قد يتضرر منها المترفع عن صغائر الأمور.

الفنان «عبد الحسين عبد الرضا» لم يكن نرجسيًّا، أو لم يحِدْ عن طريق فنه إلى السياسة أو المال مطلقًا.. ظل يسير بخطى ثابتة؛ ليقدم للناس فنًّا راقيًا ورسالة سامية، تدعو للحب والسلام.

الفن والثقافة ليسا شعارات ونظريات يستعرضها الفنان، إنما هما رسالة يحملها وعي الذي اختار هذا الطريق الذي وإن كان شائكًا إلا أنه يعطي الفنان الحقيقي ما لا يقدر بثمن.. يعطيه حب الناس وثقتهم بعمله، وهي بالفعل أثمن ما يمكن أن يحصل عليه الإنسان في حياته، ويمتد بها ذكراه بعد انتقاله عن الحياة إلى دار البقاء.