أحمد عبد التواب

لم يعترف مسئول كبير واحد فى الغرب حتى الآن عن بدوره أو دور أجهزة بلاده فى دعم أو تأسيس منظمات الإرهاب التى تحمل لواء الإسلام خارج بلادهم، برغم جسارة بعض صحفهم وتليفزيوناتهم فى كشف بعض هذه الحقائق. كما لم يربط أحد من هؤلاء المسئولين بين هذه الأدوار وبين وصول الإرهاب إلى أوروبا وأمريكا بضرباته الموجعة وإيقاع ضحايا أبرياء لا مسئولية لهم عن ألاعيب حكوماتهم، خاصة ما تقوم به أجهزة مخابراتهم التى تعمل بلا قلب عبر تاريخها المملوء بصفحات مشينة، والتى انكشف تواضع أدائها فى زماننا إلى حدود يعجزون فيها عن إجراء الحسابات الواجبة المعقدة التى كان يمكنها أن توفر لهم توقعات عن المآلات التى يعانون منها الآن، من ضربات تصل إلى أراضيهم بيد بعض التنظيمات التى قرّروا بأنفسهم طواعية ان يدعموها أو أن يؤسسوها! وقد كان خطأ جسيماً منهم ألا يعطوا عوامل أساسية حقها من الدرس، مثل حالة أن تتسع قواعد هذه التنظيمات لتضم عناصر جديدة شديدة الحماس للشعارات المسمومة التى جرى طبخها فى معامل المخابرات الغربية بالتنسيق مع بعض المتعاونين معهم من هذه التنظيمات، مع استحالة أن يلتزم الوافدون بما تورط فيه المؤسسون، ثم أن يصير لهؤلاء المنضمين الجدد قصور ذاتى يضعون به أجنداتهم المختلفة التى تنطوى على مثل العمليات التى نراها الآن!.

للأسف الشديد، لا يمكن تصور أن تكون جريمة برشلونة الأخيرة خاتمة هذا المسلسل الكابوسي، بعد أن ثبت للإرهابيين أنهم ليسوا دائماً فى حاجة إلى أموال ضخمة وتخطيط مركب، فى عمليات تهريب سلاح متطور وتأمينه حتى يحين الحين، ثم تمريره إلى الموقع المستهدف عبر حواجز أمنية ونقاط تفتيش مجهزة بأحدث أدوات الفحص والإنذار! فقد صار السلاح الفتاك للإرهاب أداة لا يمكن لأحد أن يستوقفها مادامت مجرد سيارة من ملايين السيارات على الطريق، الخطر الوحيد فيها فكرة فى رأس سائقها، تجعله ينحرف عن مساره، فجأة، ويدهس المارّة الذين كانوا آمنين، ثم صاروا فى عداد الأموات أو المقعدين.