اعتبرت إعادة السفير إعلاناً بلعب دور المُخرّب في المنطقة

شخصيات أردنية: نهاية قطر تكتبها إيران

 

 

عمّان:«الخليج»:

أكدت شخصيات سياسية وعامة أردنية أن إعادة قطر سفيرها إلى طهران، وإعلانها تجديد وحدة العلاقات وتقويتها في كافة المجالات معها، يمثّلان إشهاراً واضحاً بسعيها إلى شق الصف الخليجي ولعب دور «المُخرّب» في المنطقة، ويوسّع في المقابل الإجراءات الواجب اتخاذها ضد الدوحة، ما يعني كتابة نهايتها على الصعيد الرسمي العربي والدولي.

وقال اللواء المتقاعد إبراهيم الطراونة، عضو لجنة الدراسات السياسية في مركز البحث الاستراتيجي، «إن توقيت إعادة الدوحة سفيرها إلى طهران، بعدما كان سحبه قد جاء ضمن موقف خليجي موحد احتجاجاً على الاعتداءات على السفارة السعودية في إيران، يعني أمراً واحداً وهو رفض قطر التام لكل محاولات الوساطة الكبيرة الحالية، لتحمّل تصرفاتها المتمادية وقرارها الواضح بالذهاب إلى غير رجعة باتجاه كل ما يؤجج الصراع في المنطقة، وتمنعها عن مساعي التهدئة، ورغبتها الجامحة في إثبات حضورها الهش ولو على حساب تدمير كل شيء، وهي تريد أن تُشهر صراحة تحوّلها إلى أداة في يد إيران تُحرّكها كيفما وأينما تريد».
وأضاف: «القرار لم يكن مفاجئاً بعدما احتالت قطر على مطالب كانت قدمتها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، بينها التعامل مع إيران ضمن أطر لا تخترق العقوبات المفروضة عليها ووضعها في نطاق لا يسمح بتماديها، لكن الدوحة هذه المرة لا تكتفي بالتغاضي عن تلك الشروط التي كانت ومازالت مستحقة، وإنما تطيح بإمكانية الانسجام مع دول الخليج عسكرياً وأمنياً وسياسياً، وتعلن اعتزامها مواصلة محاولات مس الأمن القومي الخليجي والعربي واستباحة كل ما يمكن لمصلحة تمدد إيران الطائفي، وبث القلاقل والفتن والتخريب مقابل البقاء تحت جناح وهمي للحماية سيقضي عليها في النهاية».

ورأى محمد المجالي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، أن خطوة قطر الجديدة تحرق كل أوراق المصالحة، وتقطع الطريق أمام محاولات عودتها للبيت الخليجي والعربي. وقال: «هذا اعتراف مخزٍ بأن الدوحة تريد منح الفرصة كاملة للتدخل الإيراني في شؤون دول الخليج، وفتح الأبواب على مصراعيها للطائفية والتفرقة وإشعال النار في المنطقة وزعزعة الاستقرار، وهي تميط اللثام عن أوجهها المتباينة بعدما كانت تدس السم في الخفاء». 
ووجد المجالي الخطوة الجديدة من قطر أنها بمثابة طلب مستفزٍ بتحويلها إلى «الشقيق العدو»، ووضعها في إطار العزلة الكاملة واعتبارها منبوذة. وأضاف: «الدوحة تلقي بنفسها في الجحيم، وهي تقطع تماماً كافة السبل الممكنة أمام العودة لرشد من تبقى فيها من عقلاء، وتثبت كل مرّة انفلات إدارتها السياسية وغباء اختياراتها، وتظن أنها توجّه صفعة للآخرين، بينما في الحقيقة تحفر قبرها بأيدي أصحاب القرار فيها، الذين يثبتون حمل معاول هدم لا تعرف الرجاحة». 
وشدد وزير الإعلام الأردني الأسبق صالح القلاب على أن قطر أُصيبت بعمى بصيرة وتريد جرف المنطقة إلى حافة الهاوية بواسطة إيران، حتى تعيش نرجسية الظهور وإدّعاء إمكانية التحكم في المصائر وتهديد الآخرين، لكنها في الحقيقة استبدلت الغريب بالقريب، وخسرت وحدة الصف مقابل أهداف عدائية تطالها قبل غيرها. وقال «تسلّم قطر نفسها تماماً لغيرها وتظهر بما لا يدع مجالاً للشك أن الدول المُقاطعة كانت على حق في إثباتاتها وحقائقها بشأن تمويل ودعم الدوحة لأيادي الخراب في المنطقة، وأصبحت بذلك خطراً يفوق النطاق الخليجي إلى العربي والدولي، وكأنها تعلن رغبتها في استهداف الأمن والاستقرار في كل مكان تتطلع له مطامع طهران».
وأكد المحلل الاستراتيجي عامر السبايلة، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، أن قطر تستنزف كل حلولها للتعامل مباشرة مع مطالب الدول التي قاطعتها، وتريد حفظ ماء الوجه ولو على حساب المصلحة العامة في المنطقة وهي تمعن في خسائرها فعلياً. وشدد السبايلة على أنه كان يجب على الدوحة أن تدرك حجم الأزمة منذ البداية وعدم الالتفاف عليها، وأن تعي تماماً بأن الحل لا يكمن إطلاقاً في الاستقطاب مع طهران، وإنما ينبع من فهم حدودها واختياراتها وأن إيران لن تنقذها. 
وعدّ محمد أرسلان النائب السابق في البرلمان الأردني مشكلة قطر الرئيسية هي الاحتماء بالغرباء، ظناً منها بأنهم ملاذ آمن على عكس الصواب، وإمعانها في ارتكاب الأخطاء التي تضر الأشقاء بدافع الوجود الشكلي. وقال: «هذا يقوي في المقابل الجبهة العربية التي يجب أن ترفض توسّع ممارسات قطر في المنطقة وتحالفها الوثيق مع إيران وتمويل منظمات إرهابية، والدوحة تواصل الإمعان في الأخطاء تلو الأخرى ومحاولة ممارسة ما يفوق حجمها، وأعتقد أن مواقف عربية ودولية ستتحرك بشكل واضح وأكبر هذه المرة ضد الدوحة والتدخلات الإيرانية».
وأكد فارس بريزات، مدير مركز «نماء» للدراسات الاستراتيجية، أن اللجوء إلى تفعيل نقاط الخلاف الرئيسية مع الموقف الخليجي، وأهمها عدم التنسيق بشأن العلاقات المتشعبة والمفتوحة على إيران، برغم مواقف سابقة موحدة ليس في مصلحة قطر. وقال: إن الاتكاء على المعضلة الأساسية المتعلقة بتوسع النفوذ الإيراني في الخليج، ومحاولات هذا النفوذ زعزعة أمن واستقرار المنطقة وظهور ذلك من خلال استغلال المد الطائفي في سوريا والعراق واليمن وغيرها وبالتالي يقود الأمور إلى خطوات تصعيدية.