محمد الحمادي 

كل موالٍ لغير وطنه خاسر.. وكل منبطح للغريب خاسر.. وكل دولة تضع يدها بيد الأجنبي ضد أشقائها وجيرانها خاسرة أيضاً.

لقد كشفت أزمة مقاطعة قطر، أزمات عديدة يمكن تأليف المجلدات عنها، أزمات في شخصية المثقف الخليجي، وأخرى عند المثقف العربي، وكشفت أزمة في تحديد الأولويات عند الكثيرين، وأزمة في طريقة التراجع عن الخطأ.. وأزمة في فهم المحيط الجغرافي.. وأزمة في معرفة الصديق من العدو، والتفريق بين من يريد لك الخير ومن يريد لك الشر، وأزمات أخرى في الولاءات والانتماءات، وفي المواقف والرؤى.. أزمات في صوت العقل والمنطق، وصوت المصالح، وفي ترتيب الخيارات، المال أم الوطن؟!

يا لها من أزمة كبيرة وأزمة حقيقية، فلم تمر على دول الخليج أزمة مثلها، وقد لا تمر غيرها، أزمة علمتنا الكثير، وعرفنا من خلالها ما لم نكن لنعلمه لو استمرت المجاملات، واستمر الصمت على الدور القطري التخريبي في المنطقة والعالم، ولو لم تقل الدول الأربع كلمتها وتعلن مقاطعتها للدوحة، ولو لم تعلن الأسباب الحقيقية للمقاطعة، لكنا إلى اليوم مخدوعين في قطر وقيادتها التي تبين أن أمر الخليج وشأن العرب في آخر اهتمامها، وأنها لا تعمل طوال تلك السنوات إلا لمصلحة أعداء الخليج وأعداء العرب، بل وتخدم مصلحة كل طامع ومتربص بهذه المنطقة!

تورطت قطر، بل وغرقت في مستنقع التآمر والتواطؤ على أشقائها وجيرانها، لذا كانت فضيحتها مدوية وصادمة للقطريين قبل العالم، وهذا ما جعل قطر بدل أن تعرض عما هي فيه، فإنها عاندت وتكبرت واختارت الاستمرار في طريق الخطأ.

وصل بها الخنوع إلى أن طلبت من نظام إيران السماح لها بإعادة فتح سفارتها في طهران! فبعد أقل من عامين على استدعاء سفيرها من طهران على خلفية الهجمات على سفارة السعودية في العاصمة الإيرانية، وقنصلية المملكة في مدينة مشهد، تقرر الدوحة إعادة سفيرها من دون مقدمات أو تبرير واضح، ولكن يبدو منطقياً لكل متابع أنه بعد أن خربت علاقتها بأشقائها وجيرانها، قطر تتودد لإيران وتتقرب منها وتخضع لها، وتتطلع لتعزيز العلاقات الثنائية معها في المجالات كافة، وتخسر الخليج في كل المجالات.

فأي سياسة في ذلك؟! وأي سيادة تتكلم عنها قطر؟ ومن المستفيد من هذه الخطوة التي سخر منها الإيرانيون قبل أن يستهزئ بها الآخرون، وقد حذر مصطفى عبدلي، وهو محلل سياسي إيراني، من التقارب مع قطر، ودعا حكومة بلده إلى أن لا تنسى أن قطر تدعم الإرهاب!

فهم سطحي للأمور والقضايا الإقليمية، وقرارات حمقاء وعذر أقبح من ذنب في إعادة فتح السفارة، فهل هذا منطق دولة؟!