علي سعد الموسى

قبل أن تفتح السعودية كل حدود الأرض والبحر والجو أمام الشقيق الغالي الحاج القطري، أكاد أجزم أن دولة قطر قد أرسلت بالمجاز والحقيقة ألف رحلة سياسية إلى عواصم الأرض، ومثلها اشترت ألف بوق مستأجر لاستثمار 


ماتسميه الدوحة «حصار» الحاج القطري. وبعد فتح كل الحدود، وبلا أبواب ومصاريع تمخض الحج القطري عما يقرب من 400 حاج حتى اللحظة. بالحساب البسيط، أرسلت قطر ما يقرب من خمسة سياسيين وأبواق إعلام في مقابل كل حاج قطري. أثبتت أزمة الدوحة مع قصة الحج المفتعلة أنها «حجت» إلى روما ولندن وواشنطن وباريس أضعاف أضعاف ما نفر من أهلها الكرام إلى صعيد عرفة. وللعلم تملك قطر من «الكوتا» الرسمية لعدد الحجاج 
ما يقرب من 1600 تصريح حج، وفي العام الماضي كان عدد الحجاج القطريين لا يقترب حتى من نصف هذه الحصة رغم أن السلطات السعودية لا تمنع أحدا منهم، ولو أتوا بأضعاف الحصة الرسمية، لأن المواطن القطري لا يحتاج تأشيرة السفارة السعودية للقدوم إلى مكة أو أي مدينة وقرية سعودية.
هنا استوت كل وسائل تسييس شعيرة الحج ما بين قطر بـ400 حاج وبين إيران بأربعين ألف فرد، بل أكاد أجزم 
أن قطر، وبحمولة طائرة واحدة، أشغلت كل العالم بمئة ضعف ما استطاعت إيران أن تصل إليه، وهي التي تملك من «كوتا» الحج مئة ضعف ما يصل من العزيزة الدوحة، وهكذا تبرهن الأرقام. 
هذه الحقائق تبرهن بالفعل أننا في هذا العالم الإسلامي أمام قيادات سياسية إما مراهقة أو مجنونة. من هو الذي حول هذا الركن إلى شعارات وأكاذيب سياسية؟ ومن المضحك جداً بمكان أن «زعيم» لجنة حقوق الإنسان القطرية يقول مساء البارحة وبصوت رخيم حزين: إن الدوحة قلقة جداً على أمن وسلامة الحجاج القطريين، وإن اللجنة تخشى عليهم من المضايقات والملاحقة. نكتة سياسية ولكن سأبدأ معها بكل الجد: الحاج القطري، وفي هذا العام بالتحديد، يعرف أنه يسكن قلوبنا وأعيننا قبل أن يسكن جبال وأصعدة المشاعر. كيف يخشى على أمنه وسلامته وهو رسمياً في ضيافة «أبوفهد» الذي استضافهم تقديراً وحباً لعموم الشعب القطري؟ وإلا فهو يعرف أن القطري ولله الحمد صاحب إمكانات وملاءة وقدرة. 
ثانياً، كيف يمكن تبرير مضايقة 400 حاج قطري سيضيعون حتما بين حشود أربعة ملايين في المشاعر. حتى لو أردنا ذلك فمن المستحيل أن نصل إليهم.
باختصار: قصة قطر مع الحج سفاهة وصفاقة تدعو الجميع للضرب بحزم على كل من يحول الحج إلى سياسة وابتزاز إعلامي.