شملان يوسف العيسى

 هُنالك خطوات جادة من قبل قيادات دول مجلس التعاون الخليجي والقيادة العراقية لتقريب وجهات النظر وحل الخلافات العالقة بين الطرفين تمهيداً لعودة العلاقات الطبيعية.

تصريحات سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عن عزمه لدعوة انعقاد مؤتمر دولي لجمع الأموال لإعادة إعمار العراق بعد تحرير الموصل، وزيارة رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي لمكة المكرمة في الشهر الماضي ومقابلته لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، تطوران ربما فتحا الباب للزيارات المتبادلة بين القيادات الدينية والوزراء والمسؤولين في العراق ودول الخليج لوضع أسس التعاون الجديد بين الأشقاء.

لقد تمخض عن اللقاءات العراقية الخليجية خلال الآونة الأخيرة تعيين سفير جديد للمملكة العربية السعودية في بغداد، وفتح قنصلية سعودية في النجف، وإنشاء خط جوي، وفتح المنافذ الحدودية البرية، وتعزيز التبادل التجاري بين الطرفين.

التحرك الخليجي تجاه العراق خطوة مباركة في الاتجاه الصحيح، لكن هذه الخطوة جاءت متأخرة جداً، مما سهل دخول إيران ومنحها فرصة للعبث بالشؤون الداخلية العراقية.

ربما راعينا في علاقتنا مع العراق بعد الغزو الأميركي له في عام 2003 توجهات صانع القرار الأميركي، رغم أن مصالحه وأهدافه في العراق تختلف عن تطلعاتنا فيما يخص هذا البلد العربي الشقيق ومستقبله بعد سقوط طاغيته السابق صدام حسين.

والسؤال الآن هو: هل التقارب الخليجي العراقي سيعيد المياه إلى مجاريها في علاقات الجانبين، أم أن هناك معوقات وعراقيل تقف في وجه أي تقارب عراقي خليجي عميق؟

معظم السياسيين العراقيين تربطهم مصالح حزبية ودينية وسياسية مع نظام حكم الملالي في إيران.. ما يجعل من الصعب تخليص العراق من الهيمنة الإيرانية. فالابتعاد عن الهيمنة الإيرانية أمر مستحيل، لأن ذلك يتطلب وجود حكومة وطنية عراقية قوية وقادة في البرلمان لديهم نزعة وطنية قوية تنشد وحدة العراق، وجمع شتات شعبه، ووحدته الوطنية، والأهم من كل ذلك قرار سياسي مستقل تماماً عن الآخرين في المنطقة. لكن كل هذه العوامل والشروط ليست متوافرة في عراق اليوم.

إيران تربطها علاقات وثيقة بالمحافظات العراقية ذات الأغلبية الشيعية، بسبب المذهب والقرب الجغرافي والمصالح الاقتصادية المشتركة. وهناك الآن قوى وفصائلُ «الحشد الشعبي» الشيعية التي يقدر عددها بنحو 44 فصيلا شيعياً، وهي كلها قادرة على ردع أي سياسة تتخذها الحكومة العراقية باتجاه التقارب مع دول الخليج العربية.

والحقيقة المرة، هي أن العرب لا يملكون رؤية مشتركة تجاه العراق، كما أنهم لوحدهم لا يستطيعون إنقاذه من مخالب إيران. لذلك يبقى الأمر كله في هذا الصدد مرهوناً بالقوى الوطنية العراقية، وكيف ستنظر لمصالح العراق على المدى الطويل. لذا فإنه ينبغي للقادة العراقيين أن يتفقوا على ماذا يريدون للعراق أن يكون عليه.. بلد ديمقراطي تعددي مستقر أم نظام طائفي تتصارع فيه قوى المجتمع وتستغله إيران لتحقيق مصالحها؟

القوى الديمقراطية العراقية تحتاج إلى دعم من دول الخليج والدول الغربية، لضمان استقلال بلاد الرافدين واستقرارها بعيداً عن المحاصصة الطائفية.