ثريا شاهين

في اعتقاد عواصم كبرى، أن الانتهاء من هزيمة «داعش» يستغرق أشهراً معدودة. لكن بدأ التفكير منذ الآن، وفقاً لمصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، في خطورة مرحلة ما بعد الانهزام، بجدية فائقة، إذ من المتوقع أن تنتشر فلول «داعش» في دول المنطقة وفي أوروبا والعالم.

وبحسب المصادر، فإن هناك خوفاً دولياً مشتركاً بين كل الجهات الغربية ودول المنطقة من المرحلة المُقبلة، بحيث تجري التحضيرات والاستعدادات لها، كما أن كل الاتصالات الدولية الحالية تُشير إلى الوعي الكامل لهذه المرحلة وضرورة درء مخاطرها، إذ ستكون شبيهة بمرحلة ما بعد أفغانستان. لكن التعويل في جزء منه، هو على تراجع قدرات الأفراد «الداعشيين» نتيجة الهزيمة وتراجع إمكاناتهم من العتاد والتجهيزات والسلاح. وبالتالي هناك تنسيق دولي مع دول المنطقة ومن بينها لبنان لتمرير المرحلة الخطرة المقبلة بأقل الخسائر الممكنة والوعي والتحوط لأية تحركات مُحتملة من أفراد أو مجموعات تدخل الدول بطرق غير شرعية أو تتمركز بين السكان، كأنها من أهل البلد، أو تقوم بتصرفات مشبوهة. وتتوقع المصادر، أن من جاء من أوروبا والتحق بـ«داعش» في سوريا والعراق سيعود إليها، ولكن عبر التهريب وليس بالطرق الشرعية.

هناك مرحلة سيكون فيها الحذر ضرورياً، ولكن في لبنان الثقة كاملة بالأجهزة الأمنية وبقدرتها على كشف العمليات قبل حصولها، وبالجيش الذي حارب الإرهاب، وانتشر على كل الحدود. وهو كان محور مواقف مهمة داعمة صدرت عن كل من واشنطن وباريس، ومجموعة الدعم الدولية الخاصة بلبنان.

وتقول مصادر ديبلوماسية أخرى، إن الأجهزة الأمنية في لبنان دائمة المراقبة لاحتمالات العمليات الإرهابية وتسلل الإرهابيين، ولديها تنسيق تام مع الأجهزة الخارجية. وتلاحظ أن معركة جرود القاع ورأس بعلبك انتهت بأسرع من المتوقع، وكان هناك تعاون دولي ومخابراتي، وعبر الأقمار الاصطناعية. ذلك أن دعم الجيش ليس بالذخيرة والسلاح فحسب، إنما أيضاً بتقديم الخرائط والمعلومات والصور عبر الأقمار الاصطناعية وكل الوسائل التقنية. وكلفة الأخيرة قد تكون أقل بكثير من كلفة القذيفة الواحدة.

وهناك أفراد وجماعات من «داعش» منتشرون في كل العالم، والقلق يبدو منتشراً في كل مكان منه. في لبنان كل شيء تحت السيطرة والثقة كبيرة بالأجهزة الأمنية، وفقاً للمصادر، التي أشارت إلى أنه من خلال الحرب الدولية على «داعش» في سوريا، هناك محاولة لحصره في منطقة واحدة هي إدلب. وفي مؤتمر آستانة حول سوريا تجري محاولات لتعزيز مناطق خفض التوتر لا سيما في شمال سوريا وإدلب تحديداً. وقي الفترة الأخيرة كان هناك خلاف على مستوى الخبراء والتقنيين الذين يجتمعون في كل من طهران وأنقرة وموسكو، في شأن مسألة وجود قوات إيرانية تُراقب مناطق خفض التوتر، فتركيا ترفض وجود قوات إيرانية على حدودها، كذلك إسرائيل لم تقبل بوجود قوات إيرانية تُراقب في منطقة خفض التوتر في جنوب سوريا، لأنها بدورها لا تريد قوات إيرانية قرب حدودها.

إذاً، إدلب ستكون التجمع لما سيتبقى من «داعش» بعد هزيمته. والعمل سيتركز على تجريده من السلاح ودفعه للاستسلام، أو اللجوء معه إلى معركة لإنهائه. ويُطلق على من يتحرك من هذا التنظيم في أوروبا «الذئاب المنفردة» وهؤلاء يخيفون العالم.

وتؤكد المصادر، أن ليس هناك من توجه دولي لأن تقوم «اليونيفيل» بمواجهة «داعش» أو محاربته. وهذه مسألة غير واردة، لأنه في مثل هذه الحالة ستقوم دول عدة بسحب قواتها منها. إنما تقتصر المكافحة الدولية لهذا التنظيم على التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب والجيوش في المنطقة، وبعض الجهات المحلية.