طلال عبدالكريم العرب

يعتبر لبنان المتلقي المدلل لكثير من المساعدات المادية والإنسانية الكويتية، لأن الكويتيين في السابق ينظرون إليه نظرة تعاطف لتشابهه مع الكويت في موقعهما الجغرافي ولصغر مساحتيهما مما فرضت عليهما ضغوط سياسية وعسكرية، وإلى تمتعهما بهوامش حرية تفوق ما حولهما بكثير، إضافة إلى تميزهما الثقافي والإعلامي.
إلا أن هذه المزايا اللبنانية لم تنفعه، فالديموقراطية التي تغنى بها أصبحت ديكورًا يخفي تحته فسادًا ومحسوبيات ومحاصصات سياسية مدمرة، وأصبح معظم زعمائه السياسيين قبيضة وقبضايات لا يتورعون عن تغيير مراكزهم وانتماءاتهم، وحتى جلودهم إذا ما استلزم الأمر، ونحن بوصفنا من المغرمين سابقًا بهذا البلد العربي الذي كان جميلاً في يوم من الأيام، نستغرب من تغيير سريع في الولاءات لكثير من السياسيين، مما يدل على الخفة ويدعو إلى السخرية.
وهناك حقيقة صادمة يجب على السياح الكويتيين معرفتها، وهي أن معظم الذين دمروا واختطفوا وأزهقوا أرواحا داخل الكويت وخارجها انطلقوا وتدربوا أو عبروا من لبنان بأوامر وتمويل وتسليح من دولة إقليمية معروفة، أما المنفذ فهو حزب الله، أما الصدمة الأعظم فهناك كويتيون مولوا ولا يزالون يمولون ذلك الحزب رغم معرفتهم بجرائمه ضد الكويت منذ بداية الثمانينات وحتى يومنا هذا.
هذا الحزب يعتبره الرسميون، ونحسب أنهم مرغمون، حزبًا سياسيًا لبنانيًا، مع أن الكل يعلم بأنه حزب ممول من الخارج، وذلك مثبت ببيان رسمي أعلنه أمام الملأ أمينه العام حسن نصر الله بالصوت والصورة، ولا نحسب بأن الرسميين اللبنانيين يجهلون ذلك، وهم بالتأكيد يعلمون بما يرتكبه هذا الحزب على أرضهم، وبرأيي لا يملكون من أمرهم شيئًا، فلم يؤخذ رأيهم في الحرب مع إسرائيل التي خاضها ذلك الحزب في سنة 2006م، وعندما حاولت الحكومة في سنة 2008م منع إحدى شبكات الاتصالات المخصصة لحزبها خرج مسلحوه من وكرهم في ضاحية بيروت الجنوبية واحتلوا بيروت وهددوا وقتلوا من حاول اعتراضهم.
فحقيقة الأمر أن لبنان مختطف، ويبدو واضحًا أن قراراته تصدر من مكان آخر، فيجب تسمية الأمور بأسمائها، ودفن الرؤوس في جبال لبنان الصخرية لن يفيد، و«استغفال» الكويت بمعسول الكلام لن ينفع، والتصريحات الرسمية لطمأنة الكويتيين بالتحقيق بشبكات حزب الله لا طائل من ورائها، لأنها تصدر عن أناس هم أصلاً لا يستطيعون حماية بيوتهم، ولا حتى القصاص ممن اغتال ساستهم.
* * *
هناك شكاوى كثيرة من سياح كويتيين، وكما قالوا إنهم تعرضوا للابتزاز بقطع خدمة الكهرباء والماء عنهم ليجبروهم على دفع أسعار خيالية لإعادة تلك الخدمة، وهناك تذمر من تفاقم الغش في فواتير المطاعم، ولا نعلم كيف تقبل الحكومة بذلك ومعظم ميزانيتها من السياح؟!