عبدالله العوضي
إرهاب برأسين.. قطر وإيران بلا عينين

ندخل إلى الباب الرئيسي للإرهاب الرسمي وبشهادة العالَم الأميركي وكل من لف حوله في اتهامهم إيران الراعي الأول للإرهاب في العالم.

بإعادة قطر سفيرها من الباب الخلفي إلى إيران وكأنها حَمَل وديع ترك العالم العربي ومن ورائه العالم الإسلامي والغربي في سبات ونبات، فالإرهاب الذي أعمى إيران منذ أكثر من ثلاثة عقود عن رؤية الحقائق الماثلة على الأرض، عادت من العداء بهذا الداء.

قطر تحت مسمى «المظلومية» ذاتها التي روّجت لوقوفها مع المستضعفين في الأرض، فأين قطر المقاطعة من أغنية المستضعفين التي تدندن عليها إيران منذ سنين وقد رضيت قطر أن تصفق لهذا اللحن النشاز في هذا العالم الواعي بكل ما يروّج في هذا الإطار.
يبدو أن قطر صدّقت هذا الخطاب الإيراني المصدر للخارج بعيداً عن الشعب الإيراني المستضعف في ذاته منذ انطلاق لحظة تصدير الثورة ومعها حبة هلوسة الاستضعاف التي خدرت النظام القطري الذي ما زال يذهب بعيداً مع أجندة الإرهاب الإيراني ليمثلا توأماً للشر في أقصى درجات الأذى للأقرباء الذين هم أولى بالمعروف والخير الممدود قبل الغرباء.

لقد تاهت وضاعت حسنة سحب السفير القطري أثناء حادثة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، وذابت في بحر شرور الإرهاب التي طالت القاصي قبل الداني ولازالت الأيام حبلى بما هو أهْول.

أين المشترك المخيف في العلاقة القطرية الإيرانية التي وصفت بالاستراتيجية بعد عودة السفير بكل طمأنينة ويقين أنه انتصر بزعمه على الدول المقاطعة الأربع، عندما استعجلت هذه الخطوة قبل أن تسمع لصوت العقل في الرياض للحل الأمثل للأزمة الراهنة التي تزيد قطر من نهايتها سداً وليس فرجاً سياسياً تعيد من خلاله إلى الخليج أمنه واستقراره الذي لا يمكن فصله عن أمن قطر ذاتها ولكن بعيداً عن سلة الإرهاب في طهران المليئة بدماء «المستضعفين» في سوريا والعراق ولبنان واليمن وبوينس آيرس لمن كان له قلب ينبض وعين تبصر وعقل يعقل وفكر يعي الحقائق وإن علاها ركام الإرهاب الذي تراكم على مر السنين كالجبال غير الراسيات على الأرض الملغمة والفكر الملقّم بالقنبلة الأيديولوجية الأكثر تدميراً من أي قنبلة نووية شهدها التاريخ في ماضيه وحاضره مهما تغيرت مسمياتها الكيميائية أو تفاقمت درجات تفجيرها. ففكر الإرهاب أرهب أثراً وأرعب من الخوف ذاته، فالتفجير النووي أثره محدود مهما كانت قوته وحتى البراكين والزلازل الطبيعية تهون عند فكر التفجير والترهيب والتكفير والتفسيق، لأن فيه تدميراً لأثمن شيء في هذا الوجود ألا وهو الإنسان الذي كرمه الرحمن من تلك الجرائم الإرهابية الفتاكة.

فنتاج هذا المشترك هو دعم الرأسين قطر وإيران للثورات التي سميت زوراً وبهتاناً بـ«الربيع»، وإيران ذاتها التي أجهضتها في داخلها، عندما شهدت حركة احتجاجات قوية عقب إعلان فشل مرشح قوى المعارضة مير حسين موسوي وإعادة انتخاب أحمدي نجاد يوم 9 يونيو 2009، وقد أطلق على هذه الاحتجاجات اسم «الحركة الخضراء».. وشارك فيها كل من محمد خاتمي ومهدي كروبي، واستمرت لعدة أشهر.

فعندما سمعت قطر الداخل عن تسريبات تتحدث عن وصول مثل هذه «الحركة الخضراء» إلى نظامها الحاكم، أطلقت أبواقها الإعلامية لاستبعاد ذلك من عقر دارها التي ساندت ولا تزال موجات خراب «الربيع العربي» ويمكن أن تطالها من ذات البوابة الأمامية للإرهاب الإيراني بإجماع العالم أجمع طبعاً باستثناء قطر التي تعتبر التعاون مع هذا الإرهاب الإيراني استراتيجية وسياسة حكيمة انطلت عليها، كما انطلى ذلك على «الثوار» في الدول العربية وهي تئن من وطأة هذا «الربيع» الذي أنتج «داعش» النسخة الجديدة من إرهاب «القاعدة» الذي ذهب أدراج الرياح بعد أن أحال تلك الدول التي اكتوت بنيرانه يباباً وهباءً منثوراً. وحتى تتحول إلى سكن صالح للإنسان هي بحاجة إلى سنين عدداً، وقطر وإيران بهذا شريكان استراتيجيان في هذا الشأن المشين، وقبل ذلك كانت قطر ينطبق عليها: «ولا يكاد يبين» فأبت إلا أن تبين بهذا الوجه المهين.