أحمد الجميعـة

خطاب الملك سلمان في الحج تأكيد على ثوابت المملكة في خدمة ضيوف الرحمن، وجمع كلمة المسلمين، والوقوف إلى جانبهم، والتصدي لمهددات النيل منهم، أو إثارة الفتنة بينهم، وهو أيضاً تعبير صادق يتزامن مع عظم المكان الذي يتحدث منه وزمانه ومناسبته ليقول للعالم إن المملكة لن تتوانى عن واجبها الذي شرّفها الله به في رعاية أمن وسلامة الحجاج، والسهر على راحتهم، والاستمرار في تنفيذ المشروعات التي تضمن أداء نسكهم بيسر وسهولة.

خادم الحرمين يؤكد دائماً على موقف المملكة الثابت من الإرهاب والتصدي له بحزم وعزم، وتجفيف منابعه، وينطلق في ذلك من سماحة الإسلام ورحمته ووسطيته، ومكانة دولته بين المسلمين، ويبعث برسالة للعالم من أن الإسلام بريء من سلوك بعض المسلمين في القتل والعنف، ومملكته تقود تحالفاً إسلامياً لمواجهته، وشراكة دولية في تطهير المجتمعات الإنسانية من شروره، وحراكاً سياسياً بعد قمم الرياض الثلاث في محاصرة مغذياته وعلى رأسها التطرف والتمويل.

الملك سلمان يتعهد في خطابه بأن تكون المملكة عوناً ونصيراً لقضايا المسلمين، وسنداً لهم في محنهم، ومرجعاً في توحيد صفوقهم، حيث تبذل سياسة بلاده الخارجية جهوداً كبيرة نحو تحقيق السلم والأمن والاستقرار، وقطع الطريق على كل التدخلات الإقليمية في شؤون المنطقة، وتسعى مع منظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي لدعم المسلمين، وحل قضاياهم، إلى جانب توجيه مركز الملك سلمان للإغاثة في تقديم العون للمحتاجين منهم.

خادم الحرمين في خطابه أمام الجهات والقوات المشاركة في الحج يشيد بجهود رجاله المخلصة، ويشدد على دورهم في خدمة ضيوف الرحمن، ويثبت للعالم أن أبناء المملكة قادرون على تنظيم الحج بلا تسييس أو مزايدات، ويعكس مكانة دولته في الارتقاء عن الرد أو المساومة مع كل متطاول رخيص لا يدرك جهلاً أو حقداً تاريخ المملكة المشرّف في الحج، ويعكس أيضاً إمكانات بلاده في تسخير كافة الجهود لضمان أمن وسلامة الحجاج.

انتهى موسم الحج بنجاح كبير جداً، رغم الزيادة العددية هذا العام بأكثر من 32%، والظروف الإقليمية المحيطة من كل جانب، والأصوات الناعقة بدعوى التسييس والتدويل وحقوق الإنسان، ومع كل ذلك يكون النجاح، والتوفيق من الله قبل ذلك، وهو مؤشر على صدق النوايا، وسلامة القصد.

المملكة تثبت للعالم أن مكانتها الدينية ليست شعاراً، أو مصالح وقتية، أو دعوات مشبوهة، بل أفعال يترجمها الواقع، وسواعد سعودية محل ثقة وتقدير، ومواقف معلنة للترحيب بجميع المسلمين لأداء نسكهم، وقيادة حكيمة واعية باذلة بسخاء لتحقيق النجاح الذي يكفي للرد على كل المأجورين.