محمد الوعيل

«المملكة لم تعتد على التفاخر والتباهي فيما يتعلق بحجم الأموال التي تضخها وتبذلها مالياً في هذا الشأن، وتتعامل مع هذا الأمر على أنه مبدأ من مبادئها الثابتة الذي لن تحيد عنه، ولو فعلت لتجاوزت بهذه الأرقام كل التوقعات والتكهنات».

بهذه الكلمات التي جاءت على لسان أمير منطقة مكة المكرمة، مستشار خادم الحرمين رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل، يتجسد الفارق الحقيقي بين أفعال الكبار الذين يدركون معنى وقيمة المسؤولية ومغزى التشريف، وما بين تصرفات الصبيان الذين يتراقصون بالأكاذيب ويمشون بين الناس بالترهات والمزاعم.

هذا الفارق الكبير بين من ينفق على بيوت الله وأقدس بقاعه على وجه الأرض، وبين من يشتري الذمم والولاءات ويوزعها بسفاهة على الضلالات وعناصر التكفير وميليشيات الإرهاب.. وهذه وحدها مقارنة ترد ببلاغة على كل مدعي الإفك وزمرتهم الإعلامية التي تعيث في العقول تضليلاً، كما عاثت في الأرض إفساداً.

وإذا كان موسم حج هذا العام استثنائياً في كل خطواته ونتائجه، فإنه كان أيضاً دليلاً دامغاً على رسالة السلام والمحبة التي تحملها المملكة قيادة وحكومة وشعباً تجاه الجميع، بمن فيهم خصومها السياسيون وأجنداتهم الطائفية، بحيث كان النجاح الاستثنائي نتيجة منطقية لجهود عظيمة حرصت وتحرص على أن تظل هذه البلاد الطاهرة مفتوحة لجميع المسلمين لأداء الحج والمناسك، وتقديم الخدمات لهم دون تمييز وفي أداء رفيع وروح محبة وإخلاص عميقة.

هذه الرسالة التي لم يفهمها البعض للأسف، ويبدو أن النجاح اللافت كان غصة في حلوقهم، أجبرتهم على الصمت واختلاق الأكاذيب الإعلامية للاصطياد في الماء العكر، وأكدت أيضاً على نجاح الرؤية السعودية وتحقيق أن من يأتي إلى هذه الأماكن المقدسة عليه أن يؤدي الحج والعبادة فقط، لأن هذه أرض عبادة وأرض لجميع المسلمين ليؤدوا فريضتهم ونسكهم التي فرضها الله عليهم.. دون تسييس أو استغلال لجلال المناسبة لفرض توجه ما أو هوى معين لإحداث أي بلبلة أو إثارة تشوه مضمون وقيمة الشعيرة الكبرى.

إننا أمام معنى إضافي جسده نجاح فائق لكل الوطن، في مناسبة هي الأغلى إسلامياً، لسنا وحدنا الشاهدين عليها، ولكن كما قال الأمير خالد الفيصل، من أن المليوني مسلم الذين تشرفت المملكة بخدمتهم في حج هذا العام هم شهود الله في أرضه على مستوى ما تقدمه المملكة لهم ولكل المسلمين في أرجاء المعمورة، كما أنها رسالة أخرى ملخصها أن الله أرادنا لنكون يد الإعمار لهذه الأرض، ولن نكون أبداً أداة هدم أو تخريب.