أحمد عبد التواب

هذا واحد من الأخبار المثيرة للقلق، لأنه جاء بأسرع مما كان متوقعاً! فقد نشرت جريدة الجارديان البريطانية يوم الثلاثاء الماضي تقريراً إخبارياً، نقلته عدة صحف ومواقع، عن أن عدداً من إرهابيي تنظيم داعش تمكنوا من دسّ أنفسهم وسط المئات من السوريين الفارّين من الكوارث التي تسبب فيها داعش بحكمه أو في تبعات التصدي له من قوات مختلفة، ولما لم يجد هؤلاء نجاة لهم إلا في الفرار من الجحيم في مدن وقري سوريا إلي تركيا التي هي أقرب ملاذ، دفع بعض الإرهابيين رشاوي لحرس الحدود الأتراك ليسمحوا لهم بالمرور وسطهم، وصار للإرهابيين بذلك إمكانية من هناك أن يختاروا استكمالاً لمهام الإرهاب والتخريب، إما الذهاب إلي دولة عربية في الشرق الأوسط أو في شمال إفريقيا، وإما أن يتسللوا إلي أوروبا! وخلص التقرير إلي أن إفلات داعش وتمكنه من اختراق الحواجز وتوفيره فرصة لبعض إرهابييه أن يمارسوا إرهابهم في بلاد أخري صار تحدياً كبيراً لأجهزة الاستخبارات العالمية التي تري فيه تهديداً يصعب التعامل معه.

تَذَكَّر أن تركيا كانت بوّابة رئيسية عبر سنوات لجلب وتمرير إرهابيي داعش القادمين من دول شتي إلي سوريا، وها هي الآن تفتح البوّابة في الاتجاه العكسي، أيضاً لصالح داعش، بعد أن انقلبت موازين القوي، لتصير بوابة النجاة لداعش، للاستراحة، ثم الانطلاق إلي هدف آخر! مما يجعل من الخطأ التركيز علي بند رشوة حرس الحدود الأتراك، لأنه حتي إذا صدق فإنه في سياق سياسة الدولة، ولا يمكن في كل الأحوال، إلا افتراض أن تركيا تشارك في تنفيذ سياسة أكبر منها.

وهذا أدعي للمزيد من التدقيق وعدم الارتكان إلي الصورة المخادعة التي اختفي فيها داعش من المناطق التي كانت تحت سيطرته في العراق وسوريا، لأن اختفاءه المريب كان يعني بلا أدني شك دخوله مرحلة بيات تحت الأرض يخرج بعدها بضربات يصعب احتسابها! وكان غريباً أن تتكشف هذه الحقائق بهذه السرعة. علها باعثة للانتباه إلي كيف تكون التحورات التي سوف تطرأ علي داعش!.