سمير عطا الله

 فور نهاية الحرب العالمية الثانية بين معسكري «الحلفاء» و«المحور» بدأت الحرب الباردة بين تحالف الأمس: الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. كانت أميركا قد حققت سبقاً غيَّر وضع التسلح في الكون، عندما سبقت موسكو في اصطياد علماء الذرة الألمان، ولذا، بدا التنافس في البداية غير متكافئ.

لكن فريقاً ما ظلَّ يضخم القوة السوفياتية وينسج من حولها الأساطير. لم يكن ذلك الفريق سوى قوى صناعة الأسلحة في أميركا. فإذا لم يكن هناك عدو جبار في المقابل، فإن تلك المصانع سوف تتوقف وتفلس. وحتى هذه اللحظة لا تزال موازنة التسلح السنوية في أميركا، ضعف موازنات جميع الدول، مجتمعة، بما فيها روسيا.
أخشى - ولو من قبيل المزاح - أن أكبر المروجين لصناعة الأسلحة الأميركية، هما كوريا الشمالية وإيران. وكلما أطلقت إحداهما صاروخاً باليستياً، جرى احتفال في المصانع الأميركية. وفي الأسابيع الأخيرة، اشترت اليابان وكوريا الجنوبية من الأسلحة الأميركية ما ينعش الاقتصاد الأميركي إلى سنوات.
إلا أن آخر طفل في آخر معسكر للأناشيد في بلاد المبجل، يعرف أن أي سباق تسلح مع أميركا هو لعبة أطفال عبثية. صحيح أن بيونغ يانغ توصلت إلى القنبلة الهيدروجينية، وهو كابوس كوني، لأن من المحتمل جداً أن يحل كابوس بالفتى المبجل ذات ليلة، نتيجة الإكثار من السمنة والدهون، فيفيق من النوم غاضباً، فيجلس بنفسه على مجموعة أزرار كافية لإبادة أعدائه وأصدقائه وزوج عمته الثانية.
الرادع الوحيد طبعاً هو الخوف من أن «يطرطش» الصين في مثل هذه المعمعة. لكن إذا كان الكابوس قوياً فوق درجة سبعة على ميزان الحرارة، قد لا تظل الصين في الحساب. «أبو العبد البيروتي» كان يسمي ذلك «طِلع خلقو» عندما يقدم أحدهم على «رش» بضعة أشخاص، خطرَ لهم أن «ينرفزوه».
هل تعرف أين هي المأساة الكبرى؟ إنها في «طلوع الخلق». عندما يتصرف زعيم دولة - ويحكي - مثل جلواز مدجج بالقنابل الهيدروجينية. أو عندما يخطر له أن ينقل المبارزة من الزر إلى كبس الزر. لن يبقى من يلتقط له الصور محاطاً برجاله النوويين.