سمير عطا الله

يقول عمرو موسى إنه بعد انتشار أغنية شعبان عبد الرحيم في مصر والعالم العربي، أدرك سلفاً أوان الخروج من وزارة الخارجية. وما لبث الرئيس مبارك أن استدعاه، وقال له، اذهب وبلغ عصمت عبد المجيد أنه تعب، ولا بد من تقاعده، وسوف تحل مكانه أميناً عاماً للجامعة.

حاول عمرو موسى الاعتراض بهدوء، قائلا إن عبد المجيد يشعر أنه قادر على البقاء في المنصب عامين آخرين. لكن مبارك قال بصوت مرتفع: اذهب وبلغ.

كانت تلك نهاية خدمات صعبة وحادة في الخارجية المصرية، خاض خلالها موسى حربين. الأولى، هزيمة 67 وهو في الحادية والثلاثين من العمر، والثانية خلال عملية عزل مصر وتخوينها. وقد قاد المرحلة بادئ الأمر معمر القذافي، ثم انضمت إليه بقية «جبهة الرفض». وذهب العرب بحملتهم إلى محاولة طرد مصر من كتلة عدم الانحياز، التي كانت مصر أحد مؤسِّسيها. ووقف الخطباء العرب أمام زعماء الهند ويوغوسلافيا والصين، يطالبون بطرد مصر في سريلانكا. وراح عمرو موسى يناور ويكافح من أجل ألا تخسر بلاده العضوية. ثم تكررت المحاولة في هافانا، ولكن بشراسة أقوى. وتولى بطرس غالي، رئيس وفد مصر، المجابهة ومعه نائبه عمرو موسى. وانتهى المؤتمر من دون قرار. وبعد سنوات قال دبلوماسي كوبي لعمرو إن فيدل كاسترو نفسه هو الذي منع الطرد قائلاً لمساعديه: «لا يمكن أن يصدر قرار الطرد من هافانا».

يعرف عمرو موسى أن مذكراته سوف تثير الجدل والنقد. وقد بدأ الهجوم عليها، كالعادة، من العناوين قبل قراءتها. وواضح أن الرجل يرى في عهد مبارك أكثر المراحل استقراراً، وأقلها مثاراً للانقسام بين المصريين... والأكثر وضوحاً، أنه يدوِّن للتاريخ والحقيقة، غير عابئ بالذين يكرهونهما. وهكذا، نراه يُغضب قسماً كبيراً من الأفرقاء بالقول إن «السادات كان فرعوناً مثل عبد الناصر». ولا يتوانى عن القول إن السادات كان يُعتبر أهم من الدبلوماسية المصرية ورجالها.

اغتيل السادات فيما كان عمرو موسى سفيراً لدى الأمم المتحدة، لكن نبأ وفاته لم يتأكد إلا بعد ساعات. ومع ذلك، بدأ المعزون بالتوافد على مكاتب البعثة المصرية. أول القادمين كانت جاكلين كيندي. لكن عمرو موسى يفوته أن يشرح السبب، أو لا يرى ضرورة لذلك: وحدة الحال في الاغتيال.

إلى اللقاء...