استأنفت الأحزاب العراقية مفاوضات تشكيل الحكومة بعد ضغوط مارسها المرجع الشيعي علي السيستاني الذي دعا الجمعة الماضي، إلى الإسراع في تشكيل «حكومة قوية تستند إلى التكنوقراط»، فيما قرر رئيس الوزراء حيدر العبادي كف يد وزير الكهرباء. وتحولت الاحتجاجات في الجنوب إالى اعتصامات مفتوحة أمام مقار شركات النفط ومبانٍ للحكومات المحلية، وهو ما كانت تخشاه الحكومة.


وقالت مصادر مطلعة لـ «الحياة» إن الأحزاب دخلت في مفاوضات جديدة لتشكيل الحكومة، تحت ضغط الدعوة التي أطلقها السيستاني، فيما انتقدت قوى سياسية تأخر مفوضية الانتخابات المنتدبة في إعلان النتائج النهائية للاقتراع بعد إعادة عدّ الأصوات وفرزها يدوياً.

وأشارت المصادر إلى أن الأحزاب الشيعية الفائزة في الانتخابات دخلت في مفاوضات في اتجاهين: الأول يقوده جناحا حزب «الدعوة» مع تحالف «الفتح»، والثاني تحالف «سائرون» بزعامة مقتدى الصدر الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات مع «تيار الحكمة الوطني» وائتلاف «الوطنية».

ورجحت المصادر عودة مقتدى الصدر إلى العراق آتياً من لبنان خلال أيام، للإشراف على جولة المفاوضات الجديدة، بعدما دعا الأسبوع الماضي إلى وقف المفاوضات موقتاً والالتفات إلى مطالب المحتجين. لكن دعوة السيستاني وضعت كل الأحزاب الشيعية في موقف حرج.

وأعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي امس كفّ يد وزير الكهرباء قاسم الفهداوي تحت ضغط الاحتجاجات التي طاولت اساساً سوء خدمة الكهرباء مع ارتفاع درجات الحرارة الى مستويات قياسية في الجنوب، وفتح تحقيق في ملفات فساد في الوزارة.

وفي تطور لافت تحولت التظاهرات جنوب العراق إلى «اعتصامات» أمام مقار شركات نفطية ومبانٍ للحكومات المحلية للضغط من أجل تنفيذ مطالب المحتجين بعد فترة من المسيرات التي انطلقت مطلع الشهر، فيما فرضت قيادات الشرطة أطواقاً حول الاعتصامات لحماية متظاهرين ومنع المس بالممتلكات العامة والخاصة.

واعتصم مئات من المواطنين قرب موقع البرجسية النفطي غرب البصرة، ونصبوا سرادق اعتبروا أنها لن تؤثر في حركة التنقل، وستبقى حتى تنفيذ مطالبهم. وحاولت القوات الخاصة بشرطة النفط في الموقع إقناعهم بعدم الاعتصام وتسليم مطالبهم للمسؤولين هناك، لكنهم رفضوا مطالبين بحضور من بيده إقرار مطالبهم وتنفيذها قبل فك الاعتصام.

واعتصم آخرون أمام مبنى الحكومة المحلية في البصرة (560 كيلومتراً جنوب بغداد) مطالبين بتنفيذ مطالبهم المتعلقة بتأمين المياه الصالحة للشرب وتجهيز الكهرباء، فضلاً عن فتح باب التوظيف والقضاء على الفساد.

وقال قائد شرطة البصرة اللواء جاسم السعدي لـ «الحياة» إن «القوات الأمنية المرابطة قرب تظاهرات مركز المدينة أمام مبنى الحكومة المحلية، عملت لتأمين التظاهرة التي انطلقت صباحاً (أمس) لكنها منعت المتظاهرين من إقامة سرادق او نصب خيم للاعتصام، لأن ذلك سيعيق حركة السيارات في الشارع».

وفي المثنى تظاهر حوالى 2000 شخص لإعلان بدء اعتصامهم، احتجاجاً على عدم تنفيذ مطالبهم كما وعد العبادي خلال لقائه الحكومة المحلية وشيوخ عشائر المحافظة منتصف الشهر. ومنعت قوات الأمن ادخال السرادق والخيم إلى ساحة الاحتفالات وسط المدينة، حيث شرعت الأجهزة الأمنية بتطويق المسيرة وفتشت جميع الملتحقين بها.