&القاهرة: فتحية الدخاخني

في إطار المساعي المصرية لاستيعاب الزيادة السكانية، والخروج من الوادي الضيق، بدأت وزارة الإسكان المصرية ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية، إنشاء مدينة «العلمين الجديدة»، كأول مدينة مليونية على الساحل الشمالي المصري. ووضعت مصر مخططاً للمدينة الجديدة، التي تستوعب 3 ملايين نسمة؛ بحيث تكون مدينة سياحية تعمل طوال العام، وتضم أبراجاً وناطحات سحاب على غرار تلك الموجودة في مدينة دبي بالإمارات.

ومع بدء عمليات الإنشاء في المدينة الجديدة، فتحت وزارة الإسكان باب حجز وحدات سكنية وإدارية في أبراج «العلمين الجديدة»، لكن الأسعار كانت صادمة، حيث تتجاوز الأسعار في تلك المدينة الساحلية، أسعار الوحدات السكنية داخل أرقى مناطق القاهرة، وهو ما فاجأ كثيرين، فالمدن الساحلية عادة تستخدم في مصر في فترة الصيف، وبالتالي فمن غير المبرر أن تكون أسعارها مرتفعة بهذا الشكل؛ خاصة أن المدينة تقع بالقرب من منتجعات ساحلية لا تعمل سوى في موسم الصيف.

وقال أحمد إمبابي، مستثمر عقاري ورئيس شركة مكة للاستثمار العقاري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأسعار في (العلمين الجديدة) مبالغ فيها، ونسبة التحميل في سعر المتر تتجاوز الـ50 في المائة، بمعنى أن العميل يشتري الوحدة بمساحة مترية أكبر بنسبة 50 في المائة عن مساحتها الفعلية، مما يجعل ثمنها مرتفعاً للغاية».

وأضاف أنه ذهب لمعاينة الوحدات هناك لشراء بعضها بصفته مستثمراً عقارياً، يمكنه استثمارها فيما بعد؛ لكنه صدم بالأسعار والمساحات.

ومدينة «العلمين الجديدة» هي واحدة من 14 مدينة جديدة تخطط مصر لبنائها لاستيعاب الزيادة السكنية، وتقع على مساحة 48 ألف فدان، ضمن النطاق الإداري لمحافظة مطروح غرب مصر، وهي تقوم على 3 قطاعات رئيسية، وهي السياحة والحضارة والآثار. وتصل طاقتها الاستيعابية إلى 3 ملايين نسمة، وتتكون المرحلة الأولى منها من 8 آلاف فدان، لخدمة نحو 400 ألف مواطن.

وعلى عكس المدن الساحلية الأخرى التي تعمل في مواسم السياحة الشاطئية، تخطط مصر لأن تكون «العلمين الجديدة» مدينة سياحية عالمية تعمل طوال العام دون توقف، وتضم 10 آلاف وحدة سكنية، ومركزاً سياحياً عالمياً، ومنطقة أثرية، ومتحفاً مفتوحاً ومتنزهاً، وجامعة، ومراكز خدمات.

وتضم المدينة أبراجاً وناطحات سحاب، على غرار تلك الموجودة في مدينة دبي، ويجري حالياً تنفيذ 15 برجاً سكنياً، بارتفاع 40 طابقاً، ويضم كل برج نحو 230 وحدة سكنية. وتنفذ هذه الأبراج شركات: «المقاولون العرب»، و«أبناء حسن علام»، و«أوراسكوم»، و«درة»، و«سياك»، و«رديكون»، بالشراكة مع «هيئة المجتمعات العمرانية»، وشركة «سيتي إيدج للتطوير العقاري»، و«بنك التعمير والإسكان»، و«الشركة القابضة للاستثمار والتنمية».

وتتراوح مساحات الوحدات في المرحلة الأولى من 90 متراً إلى 350 متراً، وجميعها تطل على البحر، ويبلغ متوسط سعر المتر في الأبراج 30 ألف جنيه للأدوار الأولى، و35 ألف جنيه للأدوار المرتفعة، ليتراوح سعر الشقة من 3 ملايين جنيه إلى 12 مليون جنيه، حيث تبدأ دفعات الحجز من 150 ألف جنيه للوحدة التي من غرفة نوم واحدة، و200 ألف جنيه للوحدة من غرفتي نوم، ونصف مليون جنيه للوحدة المكونة من 4 غرف نوم.

ورغم ارتفاع سعر المتر بالمدينة الجديدة، فإنها شهدت إقبالاً من قبل المصريين، الذين يعتبرون العقار نوعاً آمناً من الاستثمار، وهو ما دفع وزارة الإسكان إلى التفكير في زيادة عدد الأبراج المقرر إنشاؤها في المدينة. وقال المهندس أسامة عبد الغني، رئيس جهاز مدينة «العلمين الجديدة»، إنه «تمت زيادة عدد الأبراج بالمدينة من 15 برجاً إلى 18 برجاً، وتتم دراسة تنفيذ 4 أبراج أخرى بارتفاع 33 دوراً، وتجري دراسة تنفيذ صالة ألعاب أوليمبية، وإدارتها بنظام الشراكة مع أحد أكبر النوادي الرياضية، والبدء في التفاوض مع الفرق الأوروبية لعمل المعسكرات الشتوية بالمدينة».

وأشار عمرو القاضي، الرئيس التنفيذي لشركة «سيتي إيدج للتطوير العقاري»، إلى أن وحدات مشروع «نورث إيدج تاورز»، «شهدت إقبالاً كبيراً»، وقال في بيان صحافي، إن «متوسط سعر المتر في الأبراج يبدأ من 30 إلى 42 ألف جنيه، ومع خطط سداد تصل إلى 7 أعوام»، موضحاً أن «الطرح الأول من المشروع يشمل 5 أبراج سكنية متكاملة بارتفاع 40 طابقاً، بإجمالي عدد وحدات يتجاوز 340 وحدة تطل على البحر مباشرة من ناحية، وعلى البحيرات من الجهة الأخرى، بالإضافة لنادٍ شاطئي وعدد من المنشآت التجارية والترفيهية».

وأعلن الدكتور وليد عباس، معاون وزير الإسكان المصري، أنه «حتى الآن تم حجز 1200 وحدة في مدينة العلمين الجديدة، يبلغ سعر المتر فيها 30 ألف جنيه، بينما يوجد 4000 آخرين على قائمة الانتظار»، مشيراً إلى أن «المدينة تضم 500 وحدة إسكان اجتماعي، و500 وحدة إسكان متميز، إضافة إلى مشروع (سكن مصر)»، واصفاً مدينة «العلمين الجديدة» بأنها «مدينة عالمية على أراضٍ مصرية»، وهي أول مدينة ساحلية في المنطقة الواقعة من الإسكندرية إلى مطروح.

ويفسر إمبابي إقبال المصريين على شراء الوحدات السكنية في «العلمين الجديدة» بأن «المصريين ينظرون للمدينة كنوع من الاستثمار، فهذه الوحدات يمكن تأجيرها للسياح طوال العام وبأسعار كبيرة في المستقبل، وبالتالي فهي استثمار آمن لغالبية المصريين»، وإن كان «ما زال يرى أن أسعار المتر في المدينة الجديدة مرتفعة ومبالغ فيها إلى حد كبير».

وتسعى مصر للانتهاء من المرحلة الأولى بحلول عام 2020، شاملة المنطقة الشاطئية، ومنطقة الإسكان المتميز، والجامعات، والمدينة الثقافية والتراثية، وتضم مكتبة، ومسجداً، وكنيسة، ومجمعاً للسينمات، ومتحفاً، ومنطقة الفنادق والبحيرات.

وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء ووزير الإسكان المصري، ضرورة الانتهاء من عمارات «الداون تاون»، و4 كليات هندسية، ومباني الإقامة بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، وكليتي الهندسة والقانون الدولي، والمباني الإدارية بجامعة العلمين الأهلية، بنهاية شهر يونيو (حزيران) 2019.

وانتهت مصر فعلياً من بناء 45 عمارة سكنية. وقال حسام حسني، نائب رئيس جهاز مدينة «العلمين الجديدة»، إنه «تم الانتهاء من بناء 45 عمارة، تضم نحو 500 وحدة سكنية، تتراوح مساحتها من 95 إلى 100 متر، بينما يجري العمل في 35 عمارة أخرى من المنتظر الانتهاء منها خلال 6 شهور».

وأضاف حسني أن «هيئة المجتمعات العمرانية تستعد لطرح 1300 وحدة بوسط المدينة خلال الشهرين المقبلين، تصل مساحة الوحدة إلى 185 متراً».

وضمن أعمال الإنشاءات بدأ التجهيز لإنشاء جامعة العلمين الأهلية، على مساحة 126 فداناً، كما يتم تنفيذ أعمال الطرق المحيطة والموازية للموقع بنسبة 80 في المائة، وتم إسناد مناطق المنطقة الشرقية بالمنطقة الشاطئية لشركة «المقاولون العرب»، مشيرا إلى أن نسبة الإنجاز بلغت 43.7 في المائة.

وتحظى المدينة الجديدة باهتمام كبير من جانب الحكومة المصرية، فهي أول استثمار من نوعه لمنطقة الساحل الشمالي، وإن نجحت فإنها يمكن تكرارها في مناطق أخرى من الساحل المصري.

وتتميز المدينة بأن بها منطقة أثرية مهمة، مما يضيف لها ميزة نسبية كمدينة سياحية، وليست ساحلية فقط.