&عبدالله بن بخيت

يقول المفكر تيجان الربيعي (لا يوجد أحد بهذا الاسم) أن عدد الفصائل المتناحرة في العالم الإسلامي تجاوز الألف فصيل، أصبحت قوة عالمية يحسب لها ألف حساب ولكن مع الأسف تناحرت فيما بينها وكان الأجدر أن توجه سلاحها إلى العدو المشترك لخدمة الأمة ورفعتها وعزتها، ولو توحدت لأصبحنا أسياد العالم.

إلى ماذا يقود هذا التعبير الذي صاغ حياتنا وثقافتنا، أنت ومن يجلس معك في المجلس وكل من يسمع هذا الكلام يعرف أن هذه الفصائل لا يمكن أن يتوحدوا والأمور السياسية لا تدار بهذه البساطة، كلام كهذا كأنك تقص على الآخرين أحلام يقظتك فتلتقي مع أحلام يقظتهم فيعم المجلس السرور، النظر إلى الأحداث الكبرى برؤيا تقوم على (ما يجب أن تكون) أنشأ المآسي التي أصابت العقل والمنطق عند كثير من الناس.

ينمو صغار السن وهم يرون العالم بصورة (ما يجب أن يكون عليه) لا على حقيقته. ينزرع في داخلهم أن الوحدة هي الطموح، هذا النوع من الحديث يقوي الآمال الزائفة، تصبح هدفاً ساطعاً في متناول اليد فتحل محل الحقيقة.

كل شيء في الحياة يوازيه شيء آخر في الأحلام أفضل وأجمل وأروع، طالما أن المسألة حلم في حلم فالحلم لا حدود له، لماذا تحلم بشقة وأنت تستطيع أن تحلم بقصر.

لو قارنت بين شاب إنجليزي وبين شاب عربي ستجد أن (ما يجب أن يكون) عند الشاب الإنجليزي متواضع. قابل للتحقق، وما يجب أن يكون عند الشاب العربي مستحيلاً. الإنجليزي يرى إنجلترا بعد عشر سنوات أفضل مما هي عليه الآن فقط. وظائف إضافية، تطور في علم الأدوية، وسائل مواصلات فعالة وسكن وأسرة وسفر إلى هنا وهناك وتقاعد مريح، كل شيء يحلم به في حدود الواقع، بيد أن العربي أو المسلم يرى صورة مستقبله ومستقبل بلاده خارج الواقع. يرى الوحدة والخلافة والعدالة والسيطرة على العالم، مستقبل قائم على كلمات فخمة لا معنى لها، عالم لا يمت بصلة لما يمكن أن تقدمه له الشهادة الجامعية التي يأمل الحصول عليها، تتصاغر في طموحاته الأحلام الواقعية الطبيعية كالتي يحلم بها الإنجليزي حتى تبلغ حد التافهة، يصبح بلا طموح حقيقي يمكن تحقيقه.&ما يحلم به الإنجليزي يدفع للعمل للإنتاج للمشاركة ويمكن متابعة نموه كل يوم وما يحلم به العربي لا يصلح إلا في مجالس الذكر وعلى المنابر الضاجة. فتترسخ في أذهاننا الثنائية الساذجة: عالمنا يقوم على الأخلاق والعالم الغربي مادي نفعي.

&