زاهي حواس

&رغم أنها من أصغر المقابر الموجودة في وادي الملوك، فإنها مقبرة جميلة؛ يزورها كل سائح يدخل وادي الملوك بالأقصر. وحدث أني خشيت على هذه المقبرة من كثرة الزيارات؛ حيث يزورها نحو 10 آلاف سائح يومياً! وذلك في فترة ازدهار السياحة، لذلك قمت بالاتفاق مع «جمعية محبي وادي الملوك» في سويسرا على تمويل مشروع لعمل نماذج طبق الأصل لأهم ثلاث مقابر بالبر الغربي بالأقصر، وهى: مقبرة «توت عنخ آمون»، ومقبرة الملك «سيتي الأول» بوادي الملوك، ومقبرة الملكة «نفرتاري» بوادي الملكات. أما الخوف على هذه المقابر، فيرجع إلى أنها أجمل المقابر وأندرها في العالم، ولذلك فأنا أعُدّ أن السياحة إذا أسيئت إدارتها، فإنها تصبح عدواً للآثار؛ لذا وجب التوفيق بين السياحة بوصفها دخلاً قومياً مهماً، والآثار التي تخص حضارة عظيمة يجب الحفاظ عليها، من خلال تنظيم الزيارة على ثلاث فترات: واحدة صباحاً، وأخرى ظهراً، والثالثة ليلاً. وبالفعل قمنا بإنارة البر الغربي ليصبح أجمل مكان في الدنيا، وبعد ذلك منعنا دخول المرشدين السياحيين إلى داخل المقابر مع الأفواج السياحية حتى لا يمكثوا طويلاً ويؤثروا بالسلب على المقبرة من خلال التنفس أو الاحتكاك بالمناظر، بالإضافة إلى أن كثيرين كانوا يستعملون فلاش الكاميرات.&


وكان استمرار الوضع يعني تدمير هذه المقابر تماماً خلال مائة عام فقط.


وقد استطاع أعضاء «جمعية الحفاظ على آثار ومقابر وادي الملوك» أن يجمعوا التبرعات لعمل نسخة طبق الأصل بالليزر لمقبرة «توت عنخ آمون»، واستطاعوا أن يتعاقدوا مع أحد المختصين لعمل الليزر، وسجل لنا المقبرة بالكامل... وكنا اتفقنا على عمل وادٍ للمقابر المقلدة يجاور استراحة هيوارد كارتر التي حوّلناها إلى متحف يسجل تاريخ هذا الأثري العظيم الذي استطاع أن يصل إلى أهم كشف أثري حدث في العالم خلال القرن العشرين؛ ووضعنا في الاستراحة مكتب كارتر وبعض المقتنيات، مثل الآلة الكاتبة التي كان يكتب عليها، وبعض من ملابسه، بالإضافة إلى أننا أنشأنا غرفة نوم، وأعلنّا أن أي زائر يود أن يقضي ليلته داخل هذه الحجرة يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، يدفع 10 آلاف دولار تذهب لترميم مقبرة الفرعون الذهبي العظيم. وكان متفقاً على أن يرتبط وادي نماذج المقابر بمنزل هيوارد كارتر، ولكن للأسف الشديد ولسبب غير مفهوم اعترض المسؤول عن الآثار في ذلك الوقت على تركيب المقبرة في هذا المكان، وعندما ثار أعضاء الاتحاد الأوروبي ووزير السياحة، قام المهندس طارق والي بعمل الحوائط داخل المقبرة أسفل الأرض لتماثل وضع مقبرة «توت عنخ آمون»، والمقبرة مفتوحة للزيارة الآن، وكان من المفترض أن يتم غلق الأصل حتى يتم الحفاظ عليه ويفتح فقط للأفواج السياحية بسعر كبير يستغل في ترميم مقابر الوادي، وهو مشروع مهم جداً يجب أن نبدأ فيه على الفور، نظراً لوضع السياحة الآن! ولكن لم يتم إلى الآن غلق المقبرة... وإذا زرت هذه المقبرة المقلدة، فلن تستطيع أن تفرق بين الأصل والنموذج! لأن التسجيل تم بالليزر، وأرجو أن يتم البدء في تسجيل مقبرة الملك «سيتي الأول»، ومقبرة جميلة الجميلات الملكة «نفرتاري» زوجة الملك «رمسيس الثاني». وهناك البعض يعترض دون دراسة هذه الرؤية العلمية، ولكن أقول لهم لو زرنا نماذج كهوف لاسكو بفرنسا لوجدنا الآلاف الذين يدخلون النموذج، أما الأصل فيُحفظ للتاريخ.