&خالد أحمد الطراح

تستوقفني احيانا تسجيلات (يوتيوب) ورسائل في وسائل التواصل الاجتماعي تحمل بعضها دروسا وروايات قصيرة مثيرة للاهتمام والجدل، ولكنها جميلة المضمون والأهداف على مختلف مستويات الحياة.
من هذه التسجيلات حكاية امرأة «تركت زوجها لتصبح اما عزباء لأربعة ابناء»، ولخصت قصتها في كتاب نشرته بعنوان «انهض» عن دور البناء الانشائي لمنزل في حماية وتماسك الاسرة.
كارا بروكنز صاحبة الكتاب ظهرت بالتسجيل مع ابنائها الاربعة بعد طلاقها من زوجها لتواجه تحديات الحياة كأم عزباء (SINGLE PARENT)، خصوصا على المستوى السكني، حيث قامت بمساعدة ومشاركة ابنائها الاربعة واعتمادا على مصادر من الانترنت في التسلسل في تعلم مبادئ انشائية لم تعرفها من قبل وتعليم ابنائها ايضا حتى يصبح مشروعا سكنيا لكل افراد العائلة.
بعد 9 شهور من الحفر واتباع خطوات انشائية في صب الاعمدة وجوانب اساسية مختلفة من تمديد كهربائي وماء وصرف صحي كما وردت في مواقع الكترونية، اصبح للعائلة منزل من طابقين بمساحة 3500 قدم مربعة يضم 5 غرف نوم و3 كراجات.


وجدت الأم كارا في قصة مواجهة تحد اجتماعي فرض عليها ولم تختره ما يمكن توثيقه في كتاب حتى يستفيد افراد المجتمع من تجربتها رغم عدم سهولتها وقسوة الحياة عليها كأم عزباء مسؤولة عن اربعة ابناء، وهي فعلا قصة تستحق التأمل والإمعان فيها من جوانب حياتية مختلفة، خصوصا حين تتوافر الارادة في التصدي لشعور الانكسار والصمود والنهوض الاجتماعي.
كثير من التحديات يمكن للفرد، سواء كان ذكرا او انثى، مواجهتها حين تتوافر الارادة الصلبة والخيارات التي يمكن ان تجعل الحياة سهلة والطموحات غير مستحيلة، فضلا عن توافر بيئة اجتماعية ترحب بروح التحدي من دون اي قيود.


من المستحيل طبعا تطبيق حملة «انهض» انشائيا عندنا بسبب طبيعة القوانين والشروط، ولكن يمكن الاستفادة من حكاية «انهض» حتى لو كانت في بلد اجنبي من زاوية اجتماعية بحتة، خصوصا في المجتمعات المغلقة او المحافظة التي تئن من مختلف انواع التفرقة العنصرية والتمييز بين الجنسين وقوانين تقدم الذكور على الاناث او العكس في بعض الحالات، وهي معضلة فرضتها ظروف خدمت بعض افراد المجتمع تحت عباءة التقاليد والعادات، ترسيخا لفرض تمييز بين المرأة والرجل، وهو من عوامل انهيار المجتمع حين يتم عزل وتمييز فئة معينة على اخرى لأسباب من صناعة بشرية!
هناك تصور عام بأن المجتمع الغربي يعاني من حالات تفكك اسري، ولكنه في الواقع لا يختلف عن معاناة المجتمع العربي من تفكك اسري، والفرق بين الاثنين في طبيعة تقبل افراد المجتمع لمثل هذه التحديات والاعتراف بها ومواجهتها ايضا نتيجة حواجز مصطنعة للحد من نطاق الحريات الفردية، وهو ما يستدعي معالجة العثرات والتحديات التي تحول دون النهوض الاجتماعي للمرأة والأم العزباء تحديدا.

&

&