كشفت مصادر عراقية مطلعة اتصالات أجراها مسؤولون قطريون أول من أمس بقيادات سنّية وكردية عراقية كان مفترضاً أن تلتحق بمشروع «الكتلة الأكبر» البرلمانية، وساهمت في عدم إعلان الكتلة.


وشهد فندق بابل في بغداد خارج المنطقة الخضراء مساء أول من أمس، اجتماعاً كان منتظراً أن يعلِن «الكتلة الأكبر» التي تشكل الحكومة العراقية بنحو 200 مقعد برلماني.

وحضر اللقاء رئيس الوزراء زعيم كتلة «النصر» (42 مقعداً) حيدر العبادي، وزعيم كتلة «سائرون» (54 مقعداً) مقتدى الصدر، وزعيم «تيار الحكمة» (20 مقعداً) عمار الحكيم، وزعيما «الكتلة الوطنية» (25 مقعداً) أياد علاوي وصالح المطلك. وكان متوقعاً اشتراك قياديَّي كتلة «المحور الوطني» السنّية (نحو 25 مقعداً) جمال الكربولي وأسامة النجيفي، بالإضافة إلى ممثلين عن الحزبين الكرديين الرئيسيين (نحو 40 مقعداً)، لإعلان كتلة يتجاوز عديد مقاعدها 200 مقعد وتتولى تشكيل الحكومة الجديدة.

وتفيد مصادر بأن عاملَين أساسيين غيّرا وجهة الأطراف الكردية والسنّية وأفضيا إلى فشل اجتماع بابل، هما تدخل قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني، واتصالات مسؤولين قطريين لم تحدد المصادر أسماءهم.

ووصل سليماني إلى العراق بالتزامن مع التحضيرات لإعلان الكتلة الأكبر، وزار النجف جنوباً حيث سُربت صور له، قبل أن يغادر باتجاه أربيل، التي عقد فيها سلسلة اجتماعات مع قيادات كردية وسنية.

وتفيد معلومات بأن الجبهة الكردية التي يمثلها «الاتحاد الوطني الكردستاني» كانت حتى وقت قريب الأقرب كردياً إلى إيران، لكن تداعيات الاستفتاء الكردي على الانفصال دفعت «الحزب الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني إلى توسيع علاقاته مع طهران، فتم استقبال سليماني من بارزاني مرات عدة أخيراً، ويبدو أن العلاقة بين الرجلين تعمقت قبل نحو شهر، عندما تدخل الزعيم الكردي لمنح طائرة تقل سليماني إذْنَ الهبوط في مطار أربيل، على رغم رفض سلطة الطيران المدني المركزية هبوطها.

ولم تكشف المصادر في مطار أربيل تداعيات تلك الحادثة الغامضة، واكتفت بالقول إن «سلطة الطيران منعت منح إذن الهبوط لطائرة تقل سليماني في أربيل، فتدخل بارزاني في شكل شخصي».

وترى المصادر أن مثل هذه الحادثة -لو صحت- تأتي في سياق التوتر في علاقة سليماني برئيس الحكومة حيدر العبادي، إذ تسرِّب مواقع إيرانية وعراقية معلومات عن وضع إيران «خطاً أحمر» ضد تولي العبادي ولاية ثانية بعد إعلانه الالتزام بالعقوبات الأميركية على إيران.

في المقابل، تسارعت وتيرة العلاقات بين طهران والقوى السنّية العراقية بوساطة قطرية، إذ أجبرت طهران السلطات العراقية في وقت سابق على تطبيع علاقاتها مع زعيم قائمة «القرار» خميس الخنجر، الذي عقد في بغداد لقاءات مع قيادات «الحشد الشعبي» الأكثر قرباً إلى إيران، قبل أن يستقبله أخيراً زعيم كتلة «الفتح» هادي العامري، ويُسرّب أخيراً خبراً عن قرب انضمامه إلى كتلة أكبر ترشح زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي لرئاسة الحكومة.

وساعد تقارب الخنجر مع إيران في إبرام تحالف سنّي باسم «المحور الوطني»، ويضم بين 25 و30 نائباً سنّياً ويجمعه مع أسامة النجيفي -المعروف بعلاقاته الوثيقة مع تركيا- وجمال الكربولي زعيم كتلة «الحل» الذي يشترط حصول أحد أعضاء حزبه (محمد الحلبوسي) على منصب رئيس البرلمان للدخول في أي تحالف.

وسبق لثلاثي المحور (الخنجر- النجيفي- الكربولي) أن أعلن اقترابه من الانضمام إلى تحالف (الصدر- العبادي- الحكيم- علاوي)، لكن المصادر تكشف تراجعاً حصل أول من أمس، بعد اتصالات أجراها مسؤولون قطريون رفيعو المستوى مع الخنجر والنجيفي.

وأرسل التحالف السنّي شروطاً للانضمام إلى ذلك التحالف، أبرزها تولي الخنجر منصب نائب رئيس الجمهورية، والحلبوسي والنجيفي منصبَيْ رئيس البرلمان ونائب رئيس الوزراء، والحصول على وزارات الدفاع والخارجية والتجارة والنقل.

ووفق المصادر المطلعة، فإن اقتراحاً قدمه سليماني إلى الأطراف الكردية والسنية تضمّن عدم إعلان الاشتراك في الكتلة الأكبر إلى حين إعلان المالكي و «الفتح» وعدد من النواب المتوقع إعلان انسحابهم من كتلة «النصر»، تحالفاً جديداً، وسيكون دخول هذه القوى أياً من التحالفين بمثابة ترجيح له على حساب الآخر.

وكان المبعوث الأميركي إلى العراق بيرت ماكورغ، عقد خلال اليومين الماضيين اجتماعات مع المسؤولين العراقيين في بغداد وأربيل، وحض الأطراف الكردية والسنية على دعم حكومة تلتزم العقوبات الأميركية الجديدة على إيران.

وتفيد المعطيات الحالية بأن تحالفين أصبحا في حكم المعلنَين ينتظران ترجيح القوى الكردية والسنية أياً منهما.

لكن معلومات أكدت في المقابل أن سليماني أبلغ قيادات شيعية بعدم رغبة إيران في حصول انقسام شيعي حاد يبعِد الصدر والحكيم والعبادي إلى المعارضة، ما قد تترتب عليه تداعيات على الحكومة التي قد تشكلها الأطراف الأخرى. كما تفيد المعلومات بأن الضغط الإيراني الحالي يسعى للعودة إلى مشروع «5+2» الذي يقترح اجتماع الكتل الشيعية لاختيار رئيس وزراء بمشاركة تحالف كردي وآخر سنّي.