خالد أحمد الطراح

روكي هو من سلسلة الافلام الرائعة للممثل الاميركي الشهير سيلفستا ستالون، الذي ما زال يجذب المشاهدين حتى من جيل الامس واليوم وربما احفاد المستقبل، فسيناريو الفيلم قام على اساس شاب غير متعلم، لكنه رياضي بارع وموهوب في ممارسة الملاكمة الى ان تم احتواؤه ليدشن بطولات بأرقام قياسية واحدة تلو الاخرى.


روكي بطل الفيلم اعتمد في تدريباته التي قادته الى بطولات على مستوى اميركا والعالم ايضا، على اساليب بسيطة وغير متطورة كالتدريب على الجري بالشوارع وملاحقة الدجاج وممارسة التمارين الرياضية في الازقة وسراديب بنايات متهالكة الى ان تعلم قيادة السيارة واقتناء سيارة رياضية، وتزوج في ما بعد من شابة من الحي الذي عاش فيه، واقام فيه في بيت متواضع مع اسرته وقريبا من مدربه الطاعن في السن.
اصبح روكي لاحقا احد الاثرياء ومن المشاهير، وبدأ يفك الخط والقراءة وانتقل بعدها الى منزل كالقصر وتحول من بطل الملاكمة الى احد المشاهير في عالم الاعلان والدعاية، وبات محط نظر الاضواء الاعلامية التي سحرته الى درجة اصابته بالغرور والغطرسة المفرطة حتى جاء يوم المفاجأة الكبرى في بروز ملاكم آخر متحديا روكي بلغة شديدة اللهجة واستفزازية، بينما كان روكي ينظر الى من تحداه بأنه اقل منه مستوى وغير قادر على منافسة روكي، بطل الملاكمة، حتى وجد نفسه امام الواقع في خوض المنافسة والقبول بالتحدي.
من ضمن استعدادات روكي في التدريب لم ينتهج اسلوبا رياضيا كما يفترض وانما قادته الغطرسة الى التدريب على انغام البيانو على منصة امام جماهير من المعجبين وتوزيع القبل يمينا وشمالا مستهينا بمنافسه الذي اطلق عليه لقب «الآلة القاتلة» (KILLING MACHINE) حتى جاء يوم المنافسة والتحدي وسقط روكي امام منافسه خلال الجولة الثانية!
بعدها اصيب روكي بحالة من اليأس والإحباط خصوصا بعد وفاة مدربه المسن، الذي كثيرا ما وبخ روكي بسبب غروره واستهانته بمنافسه والتدريب بشكل استعراضي، وليس بشكل رياضي، حتى جاءت مبادرة من فاز على روكي يوما وسحب منه لقب بطولة العالم ليقدم عرضا له بخوض المنافسة من جديد مع «الآلة القاتلة» بشرط ان يمتثل روكي لشروط التدريب وأساليبه الاصلية وليس الاستعراضية.
استعاد روكي لقبه في ما بعد وتعلم درسا تاريخيا بان الغرور مصدر هزيمته واليأس الذي تملكه.
الغرور والمكابرة مصدر هزيمة لأي انسان وفي اي مجال، لا سيما في ميدان السياسة والوظائف العامة، ففشل معظم الخطط الحكومية سببها تعنت وزير وثقته العمياء بنفسه وقراراته والإصرار على عدم الانصات إلى الرأي الآخر، فالعمل الحكومي ليس فيه بطولات، وانما يفترض ان يكون العمل مؤسسيا حتى لا يتحول الميدان السياسي الى مسرح للاستعراض!
الغرور والغطرسة هما من أسباب الفشل، فما ان يفوز شخص ما بلقب وزير او مسؤول رفيع، الا ووجدناه في كثير من الاحيان متسلطا على قرارات من سبقه في العمل او نسفها بالكامل حتى لو كان من ضمنها سياسات وقرارات عملية وناجحة وقابلة للتطوير والتحديث!
ربما السبب في ذلك ان هناك من يتبوأ منصبا رفيعا ويكون بالنسبة له او لها مفاجأة تحمل بريقا يجعله يتجاهل ماضيه حتى لو كانت قدراته متواضعة جدا!
نهاية الغطرسة والغرور الجلوس على رصيف الحياة بسبب اليأس والاكتئاب، بينما حاجتنا اليوم كشعب الى التفاؤل في ظل سياسات متناقضة حينا ومتضاربة حينا آخر!