إيران بلا اقتصاد طبيعي

كلمة الاقتصادية

 

لا يوجد في إيران اقتصاد طبيعي. والاقتصاد الطبيعي يكون مكتمل الروافد والمصادر ومتعدد العوائد، بصرف النظر عن وضعية الاقتصاد في هذه الفترة أو تلك. وإيران بنظامها الإرهابي الراهن، تعرضت لأكبر سرقة في تاريخها على أيدي الملالي، وهي لا تزال تتعرض لها، ما أدى في مناسبات عدة لانتفاضات متفاوتة، كان آخرها تلك التي تجري الآن في معظم المدن والمناطق الإيرانية. نظام علي خامنئي أنشأ اقتصادا موازيا للاقتصاد الوطني، وهو في الواقع كان استمرارا لطبيعية الاقتصاد منذ وصول هذا النظام للحكم. وعلى هذا الأساس، لم يشهد الإيرانيون أي قفزة نوعية أو ذات قيمة ما على صعيد التنمية منذ ابتلائهم بالنظام المذكور، رغم الإمكانات الحقيقية التي تتمتع بها البلاد، فضلا عن الثروات المتعددة. صندوق النقد الدولي، لم يكن من المؤسسات العالمية الأولى التي انتقدت الاقتصاد الإيراني، وتوقعت كثيرا من الأزمات الخطيرة التي سيمر بها، إلى جانب المصائب التي مر بها بالفعل. فالمؤسسات الدولية حذرت النظام الإيراني من مغبة عدم وضوح شكل اقتصاد البلاد في أكثر من مناسبة، وحاولت أن تقدم لإيران رؤى تسهم في مساعدة شعبها على العيش الكريم. إلا أن شيئا من الإيجابية لم يحدث على الساحة، بما في ذلك الفترة التي أعقبت رفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد، والسماح للشركات والاستثمارات الأجنبية بدخول السوق الإيرانية. وفي الوقت الذي كان العالم ينتظر فيه تحسنا ملحوظا للأوضاع المعيشية للإيرانيين، شهد العكس تماما، من خلال ارتفاع عدد الفقراء والجوعى، بل ازدياد عدد أولئك الذين يعيشون في الكهوف في أيامنا هذه، نتيجة للفقر وما دونه! كل المخططات الاقتصادية التي طرحتها الحكومات الإيرانية المتعاقبة لم تنعكس بأي صورة من الصور على التنمية. لا غرابة في ذلك، لأن هذه الحكومات لا تسيطر على الاقتصاد الوطني بما يكفي، بل لنقل إنها تسيطر على جزء منه فقط. فالاقتصاد الموازي الذي يشرف عليه علي خامنئي مباشرة يساوي في الواقع الاقتصاد الوطني، ناهيك عن الأموال التي يتحكم بها، حيث قدرت بأكثر من 90 مليار دولار، مخصصة كلها لتنفيذ المخططات الإجرامية والإرهابية وتمويل العصابات، ونشر الفتن، والدخول في الحروب العبثية، وغيرها من الأعمال التي وضعت إيران في قائمة الدول الفاشلة. وعلى هذا الأساس، فإن أي مخطط اقتصادي تطرحه الحكومة لا يعود على البلاد بأي نفع يذكر. وهذا ما توصل إليه صندوق النقد الدولي أخيرا، إضافة إلى المحللين المستقلين. فمقترحات الميزانية العامة للعام الجديد، سترفع النفقات إلى 104 مليارات دولار، دون أن تنعكس إيجابا على سوق العمل! ونحن نعلم أن البطالة في إيران لم تتوقف عن الارتفاع، خصوصا في أوساط الشباب الذين يشكلون أكثر من نصف السكان! فإيران لا تزال تعتمد بصورة أساسية على النفط كمصدر للدخل "الوطني"، وهذا القطاع لم يعد يوفر فرص عمل كبيرة. إلى جانب ذلك فشلت كل الحكومات "دون استثناء" في وقف ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وبالطبع تدهور قيمة العملة الوطنية، إلى جانب كثير من العوامل التي أدت في النهاية إلى الانتفاضة الشعبية العارمة الأخيرة ضد نظام يعمل بالفعل ضد شعبه، في إطار سياسته الإرهابية المكشوفة هنا وهناك. المخططات الاقتصادية الإيرانية لم توفر أي أرضية للتحرك نحو الأمام. فالمال العام مسروق، والثروات منهوبة من قبل نظام لم يكن راشدا منذ اليوم الأول لوصوله إلى سلطة لا يستحقها.