خلف الحربي

كثرة الدق تفك اللحام، واستمرار دول المقاطعة في سياستها الحازمة والصارمة مع قطر سوف يدفع السلطات في الدوحة إلى الاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها بحق أشقائها والتي كانت تنكرها وتعتبرها من نسج خيال الإعلاميين في دول المقاطعة.. والاعترافات القطرية هي أول خطوة في سبيل الوصول إلى حل حقيقي وجاد للأزمة التي تعيشها قطر اليوم.

بدأت سلسلة الاعترافات المثيرة قبل عدة أسابيع حين ظهر رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم في حوار تلفزيوني أكد فيه أن التسجيلات الخطيرة مع القذافي والتي تكشف مؤامرة قطر ضد المملكة العربية السعودية وقيادتها وشعبها هي تسجيلات صحيحة.. هكذا بكل بساطة قال حمد بن جاسم بصوت خفيض: (التسجيلات جزء منها صحيح)، أما عن محاولة اغتيال مليكنا الراحل فإن حمد بن جاسم اعترف (نصف اعتراف) حين قال إن القذافي شرح لهم خطة الاغتيال وأنهم اضطروا لمسايرته بسبب أموال كانوا يأملون باستردادها منه وأنه ذهب بعد ذلك ليخبر الملك عبدالله (ومن المرجح أنه فعل ذلك بعد كشف الجهات الأمنية السعودية للخطة) لأن الملك عبدالله – بحسب كلام ابن جاسم – أخبره بأنه يعلم كل شيء عن هذه المحاولة ويدعي حمد بن جاسم أن الملك عبدالله سأله: (وأنتم وش مدخلكم معهم ؟) فأجاب ابن جاسم يريدون أموالا لهم أخذها القذافي فقال الملك عبدالله: (زين سوا فيكم) !.

بالطبع الرواية السعودية مختلفة وخصوصا ما يتعلق بتوسل حمد بن خليفة وحمد بن جاسم للحصول على العفو السعودي بعد اكتشاف تفاصيل مؤامرة الاغتيال، ولكننا لن نتوقف عند التفاصيل ويكفينا اعتراف ابن جاسم بهذه التسجيلات التي تكشف النوايا القطرية الخطيرة ضد المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا.

وقبل أيام قليلة ظهر وزير الخارجية القطري في حوار تلفزيوني ليعترف بسياسة تجنيس البحرينيين التي تقوم بها قطر للإخلال بالتركيبة السكانية في البحرين، وكان القطريون في الأيام الأولى بالمقاطعة قد اعترفوا (نصف اعتراف) بالتسجيل الصوتي لمكالمة بين مسؤول قطري وأحد أطراف المعارضة المسلحة داخل البحرين، وقد برر القطريون هذه المكالمة بأنها تمت بطلب خليجي !.. وبعيدا عن الغوص في التفاصيل يبدو واضحا هنا أن قطر كانت تقوم بأعمال سياسية مضرة بجارتها البحرين التي تواجه منذ سنوات وضعا داخليا خطيرا تصدت له دول مجلس التعاون وأرسلت قوات درع الجزيرة إلى البحرين لدعم السلطات البحرينية في مواجهة الإرهاب والتمرد المدعوم من إيران، ما يعني أن دول الخليج كانت في صف بينما قطر تتحرك في الخفاء لخدمة الصف المعادي.

وبالطبع احتوى اللقاء التلفزيوني لوزير الخارجية القطري على (أنصاف اعترافات) أخرى تتعلق بعلاقاتها مع الإمارات ومصر والسعودية.. ومتى ما استمرت سياسة الحزم الحالية، فإن الأمر سوف يتطور إلى اعترافات قطرية كاملة بكل الاتهامات التي وجهتها دول المقاطعة لقطر.. والاعتراف كما أسلفنا: أول خطوة باتجاه الحل.