رقية سليمان الهويريني

منذ كتب الأستاذ خالد المالك سلسلة مقالات بعنوان (هموم صحفية) في 19‏-11‏-2016 وقرأتُه، حتى شعرت بأن الوضع الصحافي مقلق وغير مريح، برغم تفاؤل زعيم الصحافة؛ الذي عزا الوضع لانحسار الإعلان وتقلص الرافد الاقتصادي محرك الصحافة وقوتها، ومن خلاله تمارس دورها.

والواقع أني لمست خمول الوضع منذ عدة سنوات، فبعد أن كنا نكتب وننتقد الشأن الاجتماعي أو الوضع المتردي في الدوائر الحكومية، وينشر المقال، حتى يهب الوزراء والمسؤولون بالبحث عن الكاتب والتواصل معه لتوضيح بعض جوانب قد تكون خافية عليه أو يطلبون الاستئناس برأيه وتطبيق فكرته، إضافة إلى تعقيب بعضهم على المقال في نفس الصحيفة؛ وعلى إثر ذلك يتم تناقله والتعليق عليه من لدن الناس الذين يحتفون بالكاتب ويسعون لدعمه ومساندته، حتى تحول بعض الكتاب لنجوم وشخصيات عامة مرموقة، وتتم استضافتهم ومناقشتهم وحوارهم عبر وسائل الإعلام أو في المؤتمرات والندوات، ولكن الوضع الحالي نلاحظ أن المسؤولين لا يلقون اهتماماً بما نكتب من نقد أو طرح أفكار ورؤى وتطلعات؛ وكأن ما ورد في المقال لا يعنيهم، ولا تحرك فيهم الكلمات حاسة أو إحساساً!

وفي كل مناسبة تدعو القيادة المسؤولين لمتابعة ما يكتب في الصحافة والتفاعل معه باعتبار أن الصحافة هي السلطة الرابعة، وتضمن حق الرد؛ إلا أن انصراف أولئك المتنفذين وإهمالهم أسقط قيمة الصحافة وأطاح هيبتها، فصار (هاشتاق) واحد في تويتر باستطاعته تغيير قرار حكومي أو ظاهرة اجتماعية حين وصوله (للترند) برغم أنه قد يكون مطروحاً بفكرة ركيكة أو أسلوبٍ استفزازي طائش أو يمارس محتواه ضغطاً على الحكومة أو إرهاصاً على المجتمع مما جعل قنوات التواصل الاجتماعي تسحب البساط من الصحافة الرصينة التي يحرص رئيس تحريرها الحفاظ على الكتّاب من إبداء الآراء التصادمية أو المتسرعة الخارجة عن المألوف كيلا يصطدموا بقانون صارم أو احتجاج اجتماعي! وبرغم النوايا الطيبة في هذا الأمر ومشروعيتها لتجنيب الكُتاب مغبة التهور إلا أنه من أسباب انصراف الناس عن قراءة الصحف.

وما لم تعد للصحافة هيبتها من لدن الحكومة والمسؤولين فلن تكون جاذبة للقارئ الذي كان يعدها صوته والمعبر عن طموحاته.