عبدالله بن بخيت

استقر الشعور عند بعض الناس أن تويتر يمثل نبض الشارع. موقف لم يختبر جيداً وينطوي على مشكلات كبيرة.

القليل ممن يكتبون في تويتر يستخدمون أسماءهم الصريحة. ومن يكتب باسم (يبدو صريحاً) لا يمكن أن تتأكد أنه يكتب باسمه الصريح. البقية الذين يكتبون بأسمائهم الصريحة جاؤوا من خلفيات إعلامية ومشاهير أصلاً ككتاب وفنانين ومسؤولين في الدولة.. إلخ. في حقيقة الأمر هؤلاء هم الذين أكسبوا تويتر أهميته.

تابع أي هاشتاق شريطة أن تحذر الهوى الإيديولوجي والمصلحة الذاتية عندئذ ستعرف أن من تسميهم نبض الشعب مجرد كومة من المجهولين. لا تعرف في أي البلاد يجلسون، وأي الملل يتبعون، وهل هم ذكور أم إناث، وهل هم صغار السن أم ناضجون، وهل يعنيهم الأمر أم لا، وهل ما يقولونه جد أم سخرية؟ قد يسرك إجماع في هاشتاق على سوء خدمات مستشفى في الرياض أو جدة، ولكن لن تعرف من هو صاحب الهاشتاق ولماذا فتحه، ولن تعرف هل المشاركون أبرياء مثلك أم مرتزقة أم أعداء لمدير المستشفى.

ما يميز تويتر هو أسوأ ما فيه. كثير من الناس يردد أن تويتر نبض الشعب أو نبض الشارع. كيف يستقيم الأمر بينما واحد جالس في قطر يستطيع أن يشتم مسؤولاً في السعودية ويدعي أنه سعودي، وواحد في الصومال يستطيع أن ينتقد الإسكان في جدة ويدعي أنه سعودي، وآخر في تل أبيب يرفع راية الإلحاد ويدعي أنه سعودي.

المشاركون في تويتر خليط من كل شيء. كتّاب حقيقيون وأنصاف كتّاب وبشر لا يعرفون كوعهم من كرسوعهم وأجهزة مخابرات وطائفيون وعنصريون ومرضى نفسيون. أي شارع يشكل هذا الخليط نبضه.

من مساوئ تويتر الأخرى أنه سبب كارثة على مستوى الفكر. أتابع عدداً من الكتّاب والمثقفين السعوديين الذي يصرفون كثيراً من وقتهم في جدل بدائي، أما مع معرفات مجهولة أو مع سفهاء مشاهير. لا يتوقف الأمر عند هذا المستوى من السوء بل لاحظنا أن كتاباً استمرؤوا الخفة وسلق الرأي فوقعوا في كوارث رأي أخلاقية لا تليق بهم كبشر محترمين.

تابع بعض الأطباء (سعوديين) الذين نقلوا عياداتهم إلى تويتر. من أجل الشهرة أو من أجل المال صاروا يقدمون نصائح وآراء طبية غير مسؤولة. بلغت ببعضهم الخفة أن يقدم نصيحة عن مشكلة كبيرة في القلب بسطر أو سطرين في تويتر.

قبل أن أنهي كلامي أشير أن ما قلته في الأربع مئة كلمة السابقة لم يغطِ نصف ما رغبت في طرحه حول الموضوع. لا يمكن لكاتب جاد أن يعبر عن رأي يتحمل مسؤوليته في سطر أو سطرين.