أحمد الجميعة

ما يجري في عدن - من معارك بين الحكومة الشرعية والانفصاليين الجنوبيين - ليس احتجاجاً على قرار الرئيس هادي بعزل المحافظ عيدروس الزبيدي والوزير هاني بن بريك نهاية أبريل الماضي، وليس أيضاً دعوة إلى مكافحة الفساد كما يتردد، أو انتهاء مهلة إبعاد حكومة بن دغر، ولكنه عودة إلى فكرة تقسيم اليمن بعد إعلان الزعماء الجنوبيين تشكيل ما يسمى المجلس السياسي الانتقالي، وهي الفكرة التي ترفضها الشرعية وقوات التحالف، ويرفضها أيضاً التوقيت، والهدف من الخلاص من ميليشيات الحوثي الانقلابية أولاً.

خلط الأوراق في الجنوب اليمني مثير، ومستفز، ومربك في هذه المرحلة، حيث تحقق قوات الشرعية مدعومة من قوات التحالف مكاسب كبيرة باتجاه معاقل الحوثيين في محافظات تعز، والحديدة، وصعدة، إلى جانب تجدد المعارك في جبهات القتال الداخلية في محافظات البيضاء، والجوف، ومأرب، ومحيط العاصمة اليمنية صنعاء.

والسؤال المطروح: لماذا تحركت المياه الراكدة في الجنوب، وفي هذا التوقيت، ولمصلحة من، ثم من يمارس نفوذه في ترسيخ فكرة تقسيم اليمن والمعركة الأهم لم تضع أوزارها بتحرير صنعاء؟

بيان قوات التحالف دعا إلى ضبط النفس، وتوحيد الصف، والتمسك بلغة الحوار، وتوجيه العمل المشترك لاستكمال تحرير كافة المدن اليمنية، وهو التزام سياسي وأخلاقي وإنساني شددت عليه الحكومة الشرعية أيضاً، ولكن المعارك مستمرة، مع إصرار الجنوبيين على مواقفهم، ومطالبهم، وهو ما يعني أن قرب حسم المعارك في الشمال يستدعي أيضاً فرض الأمر الواقع في الجنوب.

الصراع الداخلي اليمني مزعج في تسوياته، وتقارب وجهات نظره، ولكن يفترض ألا يكون على حساب اليمن العربي الموحد، أو الإنسان اليمني الذي يتطلع لحريته ونصره، ولا يكون سبيلاً لتقوية معنويات الحوثي، وإيران التي تقف خلفه، حيث لا يمكن أن تتقدم الشرعية وقوات التحالف في الشمال، وتقدم الدعم العسكري لجبهات القتال، والحملات الإنسانية الشاملة للمواطن اليمني، والحفاظ على اقتصاده وعملته، وإعادة كفاءة تشغيل مواقعه الاستراتيجية من موانئ وطرق، وهناك من يطعن في خاصرة الجنوب؛ بحثاً عن أجندات على طاولة التقسيم بفعل مكتسبات الأرض، وليس طاولة الحوار بفعل التكوين السياسي الذي يمثله.

اليمن في منعطف خطير وصعب، ولا يحتمل صراعاً على السلطة في هذا التوقيت الحسّاس، أو رفع شعارات، أو مزايدات، أو استحضار زعامات على حساب الشرعية التي نقاتل في سبيل عودتها، فلا مجال مطلقاً أن ينخرط اليمن في حرب داخلية والحوثي لا يزال يعبث في صنعاء.

الثقة كبيرة في اليمنيين للتخلي عن طموحاتهم وصراعاتهم الداخلية، وتوحيد صفوفهم تجاه عدوهم الأول الحوثي الذي تسبب لهم في كل النكسات، والخيبات، فلا ترتدوا ليقتل بعضكم بعضاً!