تركي التركي من الرياض

علاقة السعودية والإمارات علاقة دم أخوي ونضج سياسي وانضباط عسكري لا يدركها أصحاب المواقف المتلونة والمبادئ المتقلبة. علاقة لا تنتظر من مرتزقي القنوات الفضائية والحسابات التويترية أو الأحزاب المؤدلجة الحديث عنها بأمانة وموضوعية. ولكن سيحدثك عنها بكل فخر وإجادة رفاق السلاح والبطولة والشهادة على الحدود البرية والجوية والبحرية. 

وما شهدته عدن من خلافات بين أبناء البيت اليمني الواحد وما آلت إليه الأمور من توافق أخيرا، ليس دليلا على خلاف سعودي - إماراتي بقدر ما هو دليل على قدرة تنسيقية عالية وسريعة بين البلدين لن تجد لها مثيلا سياسيا فضلا عن عملياتيا، إذ استطاعت باتصالاتها احتواء الموقف الميداني في وقت قياسي لما فيه صالح الشعب اليمني نفسه الذي هب التحالف أساسا بقيادة السعودية وعضيدتها الإمارات لنجدته من طغيان الفرقة التي بثتها ولا تزال الميليشيات الحوثية الإيرانية وأعوانها داخليا وخارجيا. 

ولأن الهدم وإثارة الفتن هو فقط ما تجيده الميليشيات الحوثية وأعوانها في "جزيرة" الدوحة و"ضاحية" إيران. فقد تعالت الأصوات الإعلامية مبشرة بخلاف سعودي - إماراتي محوره عدن. في حين تتكامل بصمت دؤوب يدركه – وهذا الأهم- أهالي عدن والمناطق المحررة شمالا وجنوبا جهود البناء والتعمير على أيد سعودية وإماراتية، لم تتوقف للحظة ولم تثنها الخلافات الجانبية بين أبناء اليمن أنفسهم عن مواصلة العمل الحثيث إدراكا من الشريكين الإمارات والسعودية أن إحياء الفتنة في بلد تملؤه الحروب والعصابات واردة في كل لحظة. وأن الحل النهائي لهكذا تهديدات يكون بالعمل على البناء وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار. 

العلاقة بين السعودية والإمارات ليست علاقة تبعية كاذبة أو ذوبان مختل كغيرها من العلاقات الإقليمية المحيطة بل علاقة كيانات سياسية وعسكرية ناضجة برؤاها ومستقلة بقرارها. لذلك هي علاقة إشارة ومشورة وتكامل تتجدد بتجدد الأحداث وتتطور بتطور الأزمان واحتياجاتها الحاضرة والمستقبلية. هي نموذج يحتذى لما يجب أن تكون عليه العلاقات العربية العربية والعربية الدولية نحو تحقيق الازدهار والسلام لشعوبها وشعوب المنطقة. 

وعلى العكس تماما تأتي علاقة الفرحين والمروّجين لما يظنونه أو يتمنونه من خلاف بين الرياض وأبو ظبي. حيث لا تكافؤ في العلاقات لا بالمودة ولا باللغة ولا بالتاريخ. فقط مصالح آنية تجمع حزبا إخوانيا إسلامويا وصوليا بتنظيم قطري سلطوي طامع فيما هو أكبر من محتواه الحقيقي تحت مظلة إقليمية فارسية أو عثمانية تبحث عن أمجاد غابرة. وهي دائما في استعداد لأن توظف كل ما تطاله يدها من تنظيمات وميليشيات في معادلة التوسع المزعوم.

تبقى أبوظبي للرياض والرياض لأبوظبي، أكثر من حليف ومن شقيق. هي علاقة تفان لأجل شعبيهما وتكامل لأجل شعوب المنطقة بناء وتعميرا لا هدما وتحريضا، ولأن البناء أصعب وأطول يسهل انتقاده ومحاولة الخوض فيه، أما الهدم فيبقى حيلة الأجير المؤقت والمرتزق العابث، حتى تسطع بالنور كلمة الحق والنصر فتعود القوارض كعادتها إلى جحورها في انتظار زوالها ولا شيء غير زوالها.