خالد درّاج

 حقيبة الإعلام الرسمي .. ما زال في الوقت متسع معالي الوزير

 ونحن نعيش منذ فترة وربما لفترة قادمة أزمة الصحافة الورقية في السعودية وتداعياتها والجدل الواسع حول مسبباتها وأوجه العلاج المقترحة لها، لا يمكن في الوقت نفسه أن نتجاهل أن هذه الأزمة تأتي امتداداً لما يحدث في الكثير من دول العالم، مع الأخذ في الاعتبار حجم هذه الأزمة وظروفها والفوارق الكبيرة في تفاصيلها بين ما يحدث هنا وما يحدث هناك.

وهذه المفارقات ليست موضوع مقالة اليوم، فربما نتناولها في مقالة مستقلة، ولكن السؤال الأهم الذي ننطلق منه هو «هل إعلامنا بخير وفي وضع متطور ولم يعد فيه أزمة أو مشكلة سوى الصحافة الورقية؟»، وبشكل أكثر وضوحاً «هل قنوات التلفزيون ومحطات الإذاعة ووكالة الأنباء والإعلام الداخلي والخارجي كلها بخير وتنتج أعمالها كما ينبغي وتجاري الطفرة الكبيرة التي تشهدها صناعة الإعلام في العالم؟».

نتابع حراكاً جيداً لوزير الثقافة والإعلام منذ توليه منصبه، ونتلمس رغبة واضحة في تقديم عمل أفضل وفق ما هو متاح أمامه، وبالتالي لا يمكن أن يتم الحكم على «المنتج النهائي» قبل أن ينال وقته الكافي لذلك، وإلى أن يحين ذلك الوقت أرى أن الكثير من المسؤولين يحتاجون خلال فترات التأسيس والتنظيم والهيكلة إلى ملاحظات مبكرة تعينهم على اتخاذ بعض قراراتهم المصيرية التي قد يصعب التراجع عنها أو على الأقل تكون كلفة وثمن ذلك التراجع باهظة.

صحيح أن الوقت لم يعد مبكراً، فالوزير مضى في الكثير من خططه وربما راجع بهدوء بعض قراراته التي سبق له اتخاذها، ولكن ما زال الوقت كافياً أمامه لوضع كل تلك الخطط التطويرية في سلة واحدة تحكمها استراتيجية شاملة لتطوير الإعلام السعودي بكل مفاصله، وتأخذ من الوقت عاماً كاملاً من الدراسات والبحوث وورش العمل لتصل في النهاية إلى رؤية واضحة وهدف محدد وإعلام قوي فاعل مؤثر غير تقليدي لا يتابع الحدث، بل يقوم بصناعته ونقله للعالم ببصمة سعودية خاصة تواكب المرحلة الانتقالية التي تتهيأ لها البلاد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وبالتالي تحتاج إلى أذرع إعلامية محترفة تكون في ذلك المستوى، بل وتكون الأكثر والأسرع جاهزية لقيادة تلك المرحلة. ولعل هذه الاستراتيجية في رأيي، بوحدة رؤيتها وشمولية أهدافها وبتوسع انسجامها، هي أفضل وأجدى من الحلول الفردية والمعالجات الخاصة (بعيداً عن مدى جودتها) والتي تتم لكل قطاع في منأى عن الآخر.

وما يحدث الآن وعلى سبيل المثال في هيئة الإذاعة والتلفزيون ينطبق عليه ما كنا نشير إليه أعلاه، بحيث ما زال أمام داود الشريان الكثير من الوقت لكي يستكمل خطته وبرامجه التي على ضوئها سيتم التطوير الشامل والمرتقب. صحيح أننا تابعنا بعض القرارات السريعة والتنظيمات المتلاحقة منذ الأسابيع الأولى لتوليه مهمات عمله كمسؤول أول عن هذا القطاع، إلا أن تلك الإجراءات بما فيها من إيجابيات وسلبيات وبكل ما صاحبها من ردود فعل لا ينبغي لها أن تكون صورة ذهنية متكاملة عما هو قادم.

«الإذاعة والتلفزيون» تقف منذ زمن طويل على ركام كبير من المشكلات والعقبات في هيكلتها وتموضع كفاءاتها وإمكاناتها الفنية والبشرية ومنتجها العام الذي كان يتراوح صعوداً وهبوطاً، إلا أنه في النهاية لم يصل إلى درجة الرضا التام لدى المشاهد والمستمع.

صناعة الإعلام عمل مرهق وشاق، ولا سيما في الجانب التلفزيوني، وهي من الأعمال المعقدة التي تحتاج لسياسة النفس الطويل، ويكفي أن نقول أن إنتاج ساعة من حلقة تلفزيونية مختصة تحتاج أحياناً لجهد شهر كامل، ناهيك عن هيكلة برامجية متكاملة موسمية ولقنوات عدة في التلفزيون ومحطات عدة في الإذاعة.

لذلك، لن نلتفت إلى بعض التفاصيل الدقيقة وسنظل نترقب المشروع الاستراتيجي الكامل الذي يحول القنوات السعودية إلى قنوات جذب للمشاهد، وتكون الإخبارية منها بمثابة الشاشة السعودية الكبرى التي يرانا منها العالم.

لذلك كله نقول لوزير الإعلام: «لا تتعجل ونعدك من جانبنا ألا نستعجل، وعلى رغم كل ما مضى ما زال الوقت متاحاً للتصحيح والعودة لفلسفة الاستراتيجيات العامة والمشاريع الضخمة المبهجة، بدلاً من الحلول المنفصلة والموقتة في قطاعات الوزارة كافة».