رندة تقي الدين

 من يتابع كوارث نتائج الحرب السورية على البلد وشعبه وجرائم رئيس اتفق العالم أنه باق في هذه المرحلة ولا يجب التطرق إلى رحيله من أجل الحل، يتساءل عن جدية قرارات مجلس الأمن وإلزامها بشأن استخدام السلاح الكيماوي. سمعنا في ٢٠١٣ أن الرئيس الأميركي باراك أوباما امتنع عن ضرب القواعد الجوية السورية وأنه في المقابل اتفق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن بشار الأسد وحكومته سيدمران السلاح الكيماوي. وتم تبني قرار في مجلس الأمن وضع جدول زمني لتسليم وتدمير السلاح الكيماوي تبعاً لقرار منظمة منع التسلح الكيماوي. وكما هو متوقع، لا بشار الأسد ولا فلاديمير بوتين يباليان بأي التزام دولي.

فمنع استخدام السلاح الكيمياوي في سورية كما قرارات اجتماعات آستانة حول ما سمي بالعمل من أجل تخفيف التصعيد في أماكن الحرب السورية القاتلة أصبحت أوهاماً. مراسل مجلة «بلد» الألمانية جليان روبكي الذي يغطي الحرب السورية غرد أن ٢٢ مدنياً معظمهم أولاد قد اختنقوا في شرق الغوطة جراء استخدام نظام الأسد غاز الكلورين الذي تم قصفه بصواريخ كاتيوشا روسية. وقد لعب النظام الإيراني دوراً مهماً في تزويد النظام السوري بغازات السارين والخردل. وقالت ممثلة الأمم المتحدة لشؤون نزع التسلح أمام مجلس الأمن أول من أمس أن منظمة منع استخدام السلاح الكيمياوي تدقق في استخدام النظام السوري السلاح الكيمياوي.

لكن في هذه الأثناء يقع الشعب السوري تحت قصف طائرات وصواريخ النظام الكيمياوية وغيرها. ويقول الدكتور زياد أليسا رئيس اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية لسورية، إن المدن السورية تتعرض لهجوم بمعدل كل ٢٤ ساعة وهي جرائم حرب تستهدف الأطباء الذين يقدمون الرعاية الطبية للجرحى والمرضى. وتعرضت منطقة سراقب في إدلب إلى هجوم بالكلور.

وحدها فرنسا تحركت من أجل جمع دول تتخذ قرارات صارمة ضد استخدام السلاح الكيمياوي. وكان الرئيس ترامب قد أعلن لدى تسلمه منصبه أراد أن يظهر أنه مختلف عن سلفه أوباما وقصفت قواته مركزاً عسكرياً في سورية انطلق منه هجوم كيمياوي. بعد ذلك توقفت الولايات المتحدة عن الضغط ومنع الهجمات الكيماوية مكتفية بانتقاد الجانب الروسي لأنه لم يف بالتزامه.

إن ترك بشار الأسد يتصرف بمثل هذه الوحشية من دون أي رادع ما دامت روسيا وإيران راضيتين يمثل شكلاً من الإجرام العالمي بحق الشعب السوري. وينبغي أن يدرك التحالف الدولي ضد «داعش» أن هذا التنظيم من صناعة نظام سوري وحشي اعتمد القتل والتعذيب نهجاً له وأن «داعش» تعلم على أيديه الملطخة بالدماء، فالحرب ضد «داعش» لا يمكن أن تنتهي ما دام العالم يقبل بقاء الأسد وممارساته واستخباراته التي عرفها لبنان لعقود مريرة. وأمس، عندما كانت بريفي إيرينياك تتحدث أمام الرئيس ماكرون عن جريمة قتل زوجها كلود إيرينياك في كورسيكا، واستشهاد ماكرون بقول صديق زوجها إن نسيان الجريمة هو جريمة بحد ذاته كانت أذهان المراقب العربي تعود إلى جرائم النظام السوري القائمة في بلده حالياً والتي سبقتها جرائم شهداء لبنان الذين قاوموا عائلة الأسد منذ جريمة كمال جنبلاط أيام الأسد الأب ثم جريمة قتل الرئيس رفيق الحريري في عهد الأسد الابن. ولسوء حظ سورية ولبنان فإن محاسبة المجرمين لم تتم ولن تتم لأن العالم يفضل التناسي لكن، وكما قال صديق كلود إيرينياك نسيان الجريمة هو جريمة. فليعِ المجتمع الدولي أن مسؤوليته إيقاف هذه الجرائم بقوة وحزم وليس عبر مؤتمرات عقيمة مثل سوتشي وآستانة وغيرهما من مسرحيات روسية عنوانها بحث عن حل سلمي وهي بالفعل تكريس موقع روسيا في سورية. أخطأ المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا بالمشاركة في مسرحية سوتشي وكان التصعيد على الأرض في ذروته. فالمرجو من الإدارة الأميركية أن تعود إلى حزمها السابق عندما قصفت مراكز استخدام الكيمياوي لأن العقوبات لم تعد تكفي.