الطفل أحمد الصالح الحسن البالغ من العمر 13 عاماً والمولود في إحدى بلدات ريف دير الزور الشرقي، كان ضمن الأطفال الذين تم تجنيدهم في «داعش» ولكنهُ رجع إلى أهله وروى تفاصيل قصته:

مساء يوم الأحد 21 كانون الأول (ديسمبر) 2017 أقيمت دورة شرعية للأطفال الذين يبلغ أعمارهم بين 9 سنوات و 16 سنة في أحد مساجد البلدة. ووصل عددنا إلى قرابة 25 طفلاً وحضر الجميع الدورة الشرعية التي أعطانا خلالها الشيخ (أبو عبيدة) وهو خليجي الجنسية، دروساً شرعيةً بعد صلاة المغرب، فشرح لنا أركان الإسلام والإيمان وقصص الصحابة، وحثنا وشجعنا على الجهاد وكل ما يتعلق بالقتال والجنة والحور العين ومعاداة كل من لا ينهج منهجنا.

كان يتردد بانتظام إعلاميون من التنظيم على المسجد الذي نتلقى فيه الدروس الدينية ويعرضون إصدارات للتنظيم وفيديوات المعارك التي يخوضها «داعش» في سورية والعراق.

حضرت 3 إصدارات. وفي ذلك اليوم كان الإصدار لمعارك التنظيم في الموصل وكانت مدته قرابة 45 دقيقة، وتم عرضه بعد صلاة العشاء. وكانت الإصدارات تزيد من حماستنا وتشجّعنا على قتال كل من يعادي التنظيم. بعد أن انتهى الإصدار سألنا الشيخ أبو عبيدة: «من يود أن يبايع وينضم إلى صفوف التنظيم ويذهب إلى دورة شرعية ومعسكر مدتهُ 50 يوماً فليرفع يده؟».

رفعتُ يدي أنا وأطفال كثر. كنا أكثر من 30 طفلاً موافقاً على الالتحاق، وكانت الساعة 7 مساءً. وفي حوالى الساعة 8 مساءً تم نقلنا بسيارة إلى أحد مقار التنظيم في البلدة. وفي الصباح الباكر نُقلنا إلى أحد المقار في مدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي، وكان عدد الموجودين أكثر من 100 طفل. تم توزيعنا داخل غرف المبنى، لكل خمسة أطفال غرفة (لا أعرف ما هو المبنى ولكن كان من ثلاث طبقات وفيه غرف كثيرة). وكانت الغرفة مجهزة بـ6 أسرّة موضوعة بعضها فوق بعض بالإضافة إلى خزانة مقمسّة 6 أقسام وكانت هناك ملابس خاصة بالتنظيم المعروفة بـ(قندهارية مع جاكيت) بالإضافة إلى دفتر وقلم. وتم توزيع جدول علينا هو البرنامج اليومي، وكان عبارة عن 3 دروس يومية تبدأ بعد صلاة الفجر (درس تحفيظ ) وبعد صلاة الظهر (درس توحيد) وبعد صلاة المغرب (درس عقيدة وفقه) والنوم بعد صلاة العشاء.

قسّم كل 30 (طفلاً) إلى مجموعة، وأشرف على مجموعتنا الشيخ أبو البراء التونسي ومعه أربعة عناصر آخرين يشرفون على غرفنا. أما الطعام، فهناك مطبخ يقوم بتوزيعه للجميع، ويجب على كل شخص أن يذهب من غرفته إلى المطبخ حيث هناك بطاقة خاصة للحصول على الطعام.

في الخارج باحة كبيرة وسور كبير يحيط بالمبنى. كنا نخرج إلى الباحة من وقت الظهيرة إلى صلاة العصر، ولا يسمح لنا بالخروج نهائياً. وإذا مرض أحدنا فهناك طبيب يتم استدعاؤه حالاً، وممنوع علينا التواصل مع أهلنا نهائياً والسؤال أين نحن. ولا يسمح لنا بالصوت العالي نهائياً. وعقوبة الجلد كانت تنتظر المخالفين.

في اليوم الأول قال لنا الشيخ أبو البراء إننا سوف نبقى هنا قرابة 20 يوماً ومن ثم نذهب إلى معسكر تدريب بدني وعسكري جديد.
بعد الانتهاء من المعسكر الشرعي تم نقلنا إلى منطقة قريبة من بادية قرى الشعيطات شرق دير الزور حيث المعسكر البدني والعسكري. وعند وصولنا استقبلنا أبو الفاروق الشامي، مدير المعسكر، وخطب بنا مشدداً على ضرورة الإعداد العسكري والبدني من أجل قتال أمم الكفر التي تقاتل «الدولة». بعدها وزّع علينا برنامج التدريب الذي يبدأ منذ الفجر. فبعد الصلاة يبدأ درس الرياضة، وهو الجري أو ممارسة ألعاب القوى والدفاع عن النفس ويستمر حتى السابعة صباحاً. بعدها نتناول وجبة الفطور تليها دروس في استخدام الأسلحة من المسدس حتى الرشاشات الثقيلة. طريقة استخدامها، وفكها تركيبها وصيانتها. وعند الواحدة ظهراً موعد وجبة الغداء وبعدها دروس عن تكتيكات المعارك والتخطيط، إضافة إلى دروس عن التعامل مع الألغام ودرس خاص بالتفخيخ وصناعة المتفجرات. وفي السابعة مساءً وجبة العشاء وبعدها مشاهدة إصدارات ومعارك لمقاتلي التنظيم في سورية والعراق وصولاً إلى صلاة العشاء ثم الذهاب للنوم.

بعد إنهاء المعسكر تمّ جمعنا وطلب منا المدرب أن يختار كل واحد منا القسم والاختصاص الذي يريده. جميع الأطفال اختاروا أقساماً صعبة مثل الانغماسيين أو ما يعرف بقوات النخبة لدى التنظيم، أو تقدموا بطلبات لتنفيذ عمليات انتحارية. وقلة اختارت الأقسام الإدارية والمالية الخدمات. اخترت القتال مع قوات النخبة وتم فرزي إلى جبهات القتال في الرقة، لكن بعد شهر أقنعني أهلي بترك التنظيم والهرب إلى مناطق المعارضة شمال حلب.

خرجت من الرقة إلى ريف حلب الشمالي واعتقلت مدة شهرين بسبب انتمائي للتنظيم، وأخلي سبيلي من قبل القاضي لعدم ثبوت ارتكابي جريمة وبسبب صغر سني، والآن أعيش مع أهلي في مدينة الباب شرق حلب.