عبدالله بن بخيت

يعيش المجتمع السعودي تحولات كبيرة وحاسمة. يقودها التحولان الاقتصادي والاجتماعي. في المسألة الاجتماعية لا يوجد شيء كثير نجهله. ما نشاهده من تحول هو عودة إلى شيء تركناه. كان الفن سائداً في المملكة. في مدنها وقراها. كانت الحفلات الغنائية تقام في النوادي. خروج المرأة للعمل الذي نراه اليوم كان جزءاً من الثقافة الاجتماعية. السينما أيضاً كانت تعرض في صالات خاصة وفي النوادي الرياضية وتستأجر لكي تعرض في البيوت. الشيء الطارئ الوحيد هو قيادة المرأة للسيارة.

التحول الأصيل نراه في الاقتصاد. الاقتصاد هو لقمة العيش والبشر مرتبطون بلقمة عيشهم أكثر من أي شيء آخر ويتأثرون به سلباً وإيجاباً. ما كان يمكن أن تتفشى الصحوة لولا انهيار أسعار النفط في الثمانينات والتسعينات. جزء من تحولات الشباب إلى الانكفاء والعزلة كان بسب احساسهم باليأس. شكلت جرعات التطرف في الملبس والقيافة إلخ ترياقاً للهروب من الواقع. كتب عن هذا أحد الكتاب السعوديين في هذه الجريدة قبل أكثر من عشرين سنة وقرع على كل المستويات وسكتنا بعدها حتى حل ما تعرفونه.

المبادرة إلى تصحيح المسار الاقتصادي مهما كانت مؤلمة في بعض جوانبها خاصة في المراحل الأولى أمر لا خيار فيه. هذا الألم هو التعافي الحقيقي.. دون هذا الألم نحن نرحل المشكلة إلى المستقبل كما حدث في الثمانينات والتسعينات. البديل أن نسكن الألم بالقروض على أمل أن يكتب الله ارتفاعاً (هائلاً) في أسعار النفط فنسدد الديون ونترفه أربع أو خمس سنوات لنعود إلى المشكلة من جديد. مقامرة بالمستقبل.

أصبح التغير الاقتصادي واقعاً وبدأت ماكينته تدور وعلينا أن نعد العدة للتغيرات المجهولة التي سوف تطرأ حتماً.

ما الذي سوف يحدث في المجتمع وكيف سيكون شكله وبنيته بعد عشر سنوات مثلاً. التغييرات الاقتصادية الجذرية والشاملة سوف يكون لها أثر عظيم في بناء مجتمع جديد. ما هذا المجتمع الجديد؟

هل هناك دراسات اضطلعت بها أي من الجامعات السعودية أو أي مراكز البحوث عن الأثر الاجتماعي لرؤية 2030. هل أقامت جهة من الجهات الأكاديمية ندوات وفعاليات عن المستقبل الاجتماعي والتورمات الاجتماعية التي ستنشأ من هذه الثورة الاقتصادية الكبرى المقبلة. ما الذي سيترتب على خروج المرأة بعد أن كانت مجرد مدرسة تنتج مدرسة. كيف سيكون شكل البيت السعودي بعد أن اعتدنا أن هدفنا فيلا أربعمائة متر وخدامة تجوب البيت عشرين ساعة يومياً وسائق ينتظر في الخارج.

هذه الأسئلة ليست مجرد أسئلة صحفية. علينا أن نسارع ونستبق السلبيات بالإعداد لها حتى لا تفاجئنا وندفع ثمناً لا يعلم حجمه إلا الله.